بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد وائل عادل زعيتر في مدينة نابلس عام 1934م والده الكاتب الفلسطيني الكبير عادل زعيتر الذي قدم للعربية أشهر الأعمال الأدبية الفرنسية وكان واحداً من أشهر المترجمين وشيخ المترجمين العرب , وشقيقته نائلة محاضرة في جامعة النجاح الوطنية وتحمل شهادة الدكتوراه في الأدب العربي , عمه أكرم زعيتر أديب وسياسي مرموق .
بعد أن أنهى دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية في نابلس أنتقل إلى العراق لدراسة الهندسة ولكنه لم يكملها …. وإشتغل كعامل مساحة في العراق ثم الكويت , كان يكدح بيده ولكن إهتماماته الأدبية والفنية كانت واسعة .
قرأ لكل الأدباء العالمين وواكب تطور النهضة الفنية في العالم وعلى الأخص فيما يتعلق في الأوبرا , التي كان لوائل إهتماماً كبيرا بها .
تعلم الإيطالية وعانى كثيراً قبل أن يتمكن من تحقيق حلمه في مواكبة الأوبرا الإيطالية .
عند هزيمة حزيران 1967م شعر وائل أن هناك قضية أكبر من كل إهتمام أدبي أو فني , أنها قضية الوطن الذي ضاع والشعب الذي شرد والكرامة العربية التي مرغت في الوحل .
ثار وائل زعيتر وإنضم إلى موكب الرجال وكانت حركة فتح ساحته وبدأ يناضل بالكلمة والدعوة , خاض مئات المعارك الإعلامية ضد النفوذ الصهيوني على وسائل الإعلام الأوروبية وإستطاع أن يقتحم بعض الحصون .
وائل زعيتر كان يعيش حياة التقشف والكل يعرف عزوفه على الشهرة رغم حضورة عشرات المؤتمرات .
كان وائل زعيتر يحمل على كتفيه هموم القضية الفلسطينية , ويشرح مأساة شعبه وتاريخه وثقافته للإيطاليين عندما عين ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية في روما .
عند عمله في إيطاليا أسس وائل زعيتر مع أصدقائه من قوى إيطالية مختلفة لجنة للتضامن مع القضية الفلسطينية , وربطته علاقات وثيقة مع الحزبين الإيطاليين الاشتراكي والشيوعي .
كان وائل صديقاً شخصيا لقادة السياسة والفكر والفن وإستطاع أن يقيم جسور مع كل القوى التقدمية .
وائل زعيتر …. عقل أقتحم حصون الصهاينة في اروبا .
وائل زعيتر كان يمتاز بطيبه وكرم متواضع وإخلاص وكان شغوفاً ومحباً للاطلاع على الثقافة والفلسفة الغربية والموسيقى والشعر والأدب والتاريخ .
من أقواله :
• ان تمضي الثورة وأن يعززها بما هو قادر على حمايتها من أعدائها ومن أخطاء الإنحراف
• قد تكون هناك إرهاصات ثورية أو عواطف ثورية لكنها ستتلاشى إذ لم يجمعها إطار تنظيمي له ملامحه المحددة والواضحة .
• نحن مع التفاعل مع كل حضارات العالم ولكن على أن نعطيها ونأخذ منها لا أن نذوب فيها .
كان وائل زعيتر أول من استهدفته فرقة الاغتيال التي شكلتها غولدامائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة .
في الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم 16/10/1972م وعندما اقترب وائل زعيتر من بوابة منزله الذي يسكن فيه , كانت مجموعة الاغتيال بقيادة الضابط (مايك هراري) قد اتخذت موقعها على جاهزية التنفيذ كل بموقع مناسب لتنفيذ العملية , كانت وحدة الاغتيال بانتظاره حول درجات البناية المعتمة انتظروه حتى دخل بوابة العمارة , حيث قام أحدهم بإطلاق 12رصاصة عليه من مسدس كاتم للصوت,حيث أصيب على أثرها بصدره ورأسه وسقط على الأرض فاقداً حياته على الفور .
ويعتقد أن عملية الاغتيال هذه كانت انتقاماً للهجوم على الرياضيين الإسرائيليين في عملية ميونخ 5/9/1972م على يد منظمة أيلول الأسود , ولم تسمح السلطات الإسرائيلية بدفن جثمان الشهيد في مدينة نابلس , فقد تم دفنه في مخيم اليرموك في مقبرة الشهداء .
لقد كان الشهيد / وائل زعيتر من أوائل الذين إستطاعوا وبجهود لا حدود لها أن يوصل صوت فلسطين إلى الرأي العام الأوروبي وتمكن عبر ذلك أن يبني جسوراً من العلاقات الودية المتينة بين الثورة الفلسطينية والأحزاب التقدمية في إيطاليا , ولعل الإرتباط الذي أقامه مع كافة القطاعات الإيطالية يفسر لنا معنى هذا الصدى الواسع الذي ترك إغتياله في مختلف أوساط الشعب الإيطالي .
كان للشهيد وائل زعيتر إهتماماته الأدبية الواسعة وأخر أعماله كانت إشتراكه مع المستشرق العالمي ( فرانسكوغابريلي ) الاستاذ في جامعة روما في ترجمة ( ألف ليلة وليلة ) إلى اللغة الإيطالية .
هذا وتخليداً لذكراه فقد أصدر أصدقاؤه من المثقفين الغربيين كتاباً عنه عام 1979م بعنوان :
( لأجل مناضل فلسطيني تذكار إلى وائل زعيتر ) فاختفى هذا الكتاب خلال بضعة أشهر ومن ثم أعيد طبعة مرة أخرى عام 1984م ثم طبع بالإيطالية والإنجليزية .
قامت الفنانة الفلسطينية إميلي جاسر بإخراج فيلم عن حياة وائل زعيتر بعنوان
( مادة من اجل فيلم ) وفاز الفيلم( بجائزة الأسد الذهبي) في بينالي البندقية في دورته الثانية والخمسين .
استشهد وائل ولكن إصرار الفلسطيني على التحدي والنضال سيضل شامخاً .
عندما تم اغتيال وائل زعيتر كان عمره في ذلك الوقت 36سنة .
وائل زعيتر دبلوماسي وأديب عربي فلسطيني عمل ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في روما حتى تاريخ اغتياله .
هذا وقد نعته حركة فتح في بيان حيث قالت :
فقدت حركة فتح أحد أبرز كوادرها القيادية المناضلة الذي اغتيل من قبل المخابرات الصهيونية في الساعة الحادية عشر إلا ربعاً من مساء الإثنين16/10/1972م بينما كان عائداً إلى منزله
إن حركة فتح وهي تقدم شهيداً آخر على درب مسيرتها النضالية لتعاهد جماهيرها إن دم شهيدها وكل شهدائها سيضل أمانة في عنق كل الثوار في نفس الوقت تود أن تنبه الرأي العام العالمي إلى أن إغتيال المناضل البطل وائل زعيتر في روما إنما يأتي ضمن حملة الإرهاب الصهيونية التي ينفذها العدو في كل أنحاء العالم وهي أيضا تأتي لتأكد للعالم كله من هم الإرهابيون.
رحمك الله يا وائل زعيتر وأسكنك فسيح جنانه.