بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
عبود أبو إبراهيم من مواليد قرية أم الزينات عام 1932م حيث عاش وترعرع فيها ودرس في مدارسها حتى الصف السابع وبعد أن نزحت عائلته إلى مدينة جنين سكن في مخيمها مما أضطره لترك الدراسة والعمل لمساعدة عائلته , ولكن لم يستطع أن يبتعد عن أم الزينات مسقط رأسه التي كانت تعيش في قلبه وفي وجدانه , وغالباً ما كان يتسلل إليها في جنح الظلام .
عمل عبود أبو إبراهيم ضمن مجموعة المناضل / صبحي ياسين ( أبو خالد ) وذلك قبل الالتحاق بحركة فتح حيث كان له أخوة يعملون سوياً في النضال منهم :
محمد الحاج إبراهيم جرار , وعمر فاعور السويطي , وفي بداية الستينات عملوا مع عبد الحميد السراج حيث كانوا يقوموا بعمليات فدائية بشكل متواصل داخل الأرض المحتلة عام 1948م , ويذكر أبو إبراهيم أنه في أحد العمليات زرعوا لغماً بالقرب من الحدود ألا أن الدورية الإسرائيلية لم تمر في ذلك الوقت فقام بإلقاء قنبلة يدوية باتجاه اللغم حينها هرعت العربات العسكرية الإسرائيلية للمكان فانفجر اللغم بأحد هذه العربات .
كان الأخ /عمر فاعور السويطي ( أبو حميد ) ملتحقاً بحركة فتح وكان من أوائل المناضلين في تلك المنطقة وقد قام بتنظيم الأخ /عبود إبراهيم في أوائل العام 1965م بحركة فتح دون أن يبلغه بذلك رسمياً وذلك خوفاً من الاعتقالات وبدأ عبود بالقيام بعدة عمليات عسكرية قاربت الست عمليات حينها فاتحه الأخ /أبو حميد السويطي بأنك الآن أصبحت عضواً في حركة فتح .
كان عبود قائد تنظيم الحركة في جنين , حيث عمل كمدرب أسلحة عندما تشكلت لجان التدريب في البدايات والانطلاقة الأولى أما أبو حميد فكان مدرب متفجرات , ويوسف فياس كذلك مدرب متفجرات وأبو فتحي كان مدرب أسلحة .
كان ضمن مجموعة عبود كل من إبراهيم الصلاحين , على أبو خليل , مسعود أبو خليل , فرحان الحاج صالح , أحمد سبعاوي , محمود العتيق , جميل منيزل , مرعي نصار , يوسف فياس , داوود أبو خليل , محمد إبراهيم جرار , أبو ساطي بني سعيدات .
اعتقل عبود من قبل المخابرات الأردنية عدة مرات ولم تفلح تلك المخابرات بالحصول على أي اعتراف منه سوى أنه يعمل وحيداً من أجل بلدته أم الزينات ولا ينتمي لأي تنظيم كان .
إثناء هزيمة حزيران عام 1967م كان الأخ / عبود أبو إبراهيم معتقلاً في السجن العسكري بالزرقاء , حيث قامت السلطات الأردنية بإصدار قرار بالإفراج عن جميع المسجونين بشرط أن يذهبوا للقتال في الضفة الغربية حيث نقلتهم سيارة عسكرية أردنية هو ومجموعة من زملائه بعد أن استلموا سلاح مسدس وذخيرة وتوجهوا إلى الضفة الغربية , كان قرار الإفراج عنهم من الحكومة الأردنية مشروطاً بالتحاقهم بكتائب وسرايا الجيش الأردني بالضفة الغربية على أن يقاتلوا تحت إمرة الجيش فلاقى هذا تجاوباً من مجموعة الفدائيين المفرج عنهم , لكنهم عند وصولهم إلى منطقة الجفتلك , كانت الضفة الغربية قد احتلت من قبل الجيش الإسرائيلي بالكامل وارتحل الجيش الأردني شرقاً .
بعد هزيمة عام 1967م انتشرت قواعد الفدائيين في الضفة الغربية لنهر الأردن من الرمثا شمالاً مروراً بالشونة الشمالية والكرامة ومنطقة الأغوار حتى الشونة الجنوبية ومرتفعات السلط في الوسط إلى الكرك ومعان جنوباً
عمل الأخ عبود بعد عام 1967م في القطاع الجنوبي لحركة فتح في جنوب الأردن مع أخوانه كل من الحاج إسماعيل وموسى عرفات والحاج حسن وأبو الوفا ومعتصم وآخرين حيث أشترك في أول عملية لحركة فتح في غور الصافي نهاية العام 1967م , وقاد عملية العين البيضاء بتاريخ /4/5/1970, وبعدها انتقل مع كل من الأخوة / سليم أبو علي , الحاج حسن , أبو الوفا , ومعتصم إلى الجولان حيث شكلوا الوحدة الجنوبية والتي أطلق عليها ( وحدة أبطال الموت ) وبعد أحداث أيلول سميت بقطاع الأردن نسبة إلى أحداث الأردن ومن ثم بقوة الجليل أو كتيبة الجليل .
شارك الأخ / عبود في جميع المعارك دفاعاً عن الثورة الفلسطينية وفي معركة مارون الرأس استطاع أن يدمر بعض مواقع الإسرائيليين حيث تم الاستيلاء على دبابة من طراز ( ميركافا) وأحضروها إلى بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975م والتي كانت أشد قسوة وشراسة كانت كتيبة الكرمل بقيادة الأخ /عبود أبو إبراهيم ونائبه عبد المعطي السبعاوي ترابط في الخط الدفاعي الأول أمام أهم معاقل الثورة في سوق الغرب وتنتشر مواقعها الدفاعية في كل من القماطية وعتيات وعين بسوس وعين عنوب والمعروفية , كان على رأس هذه الكتبية والتي كانت تعتبر في حينه من أهم كتائب قوات العاصفة رجلاً حركته الحياة فزادته صلابة وحنكة , ولم تنل السنون الخمسون من قوة جسمه وشدة مراسه وعزيمته بل كان يفوق الشباب نشاطاً وقوة ويعلمهم الشجاعة والأقدام وفن قيادة الرجال , حيث أن كثيراً من هؤلاء أبناء العاصفة تتلمذوا على يديه .
أرسل الأخ أبو إبراهيم في دوره قادة كتائب إلى الاتحاد السوفيتي وذلك عام 1978
بعد انتهاء المؤتمر الرابع لحركة فتح والذي عقد في دمشق في شهر مايو عام 1980م عين الأخ / عبود نائباً لقائد قوات المليشيا في الساحة اللبنانية الأخ /زياد الأطرش وإثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1992م عين قائداً لمنطقة الجبل اعتباراً من تاريخ 8/6/1982م
لم يتهاون الأخ / عبود أبو إبراهيم يوماً ولم يقصر في الدفاع وببسالة عن القرار الوطني المستقل وعندما وقع الانشقاق عام 1983م من فئة خارجة عن الصف الفلسطيني شبه المنشقين بالمرتدين عن الإسلام ولم يتردد في محاربتهم في البقاع وطرابلس لبنان حيث كان بالقرب من قيادته الشرعية في طرابلس مع القائد الشهيد / أبو عمار والقائد الشهيد/ أبو جهاد .
لقد كانت ثقته بنفسه بلا حدود واعتزازه بفلسطينيته مطلقة تصل إلى حد التعصب في كثير من الأحيان وهو من أوائل الرعيل الأول الذي بدأ الكفاح المسلح .
لقد كان الأخ / أبو إبراهيم دمث الخلق والنزاهة والمسؤولية والحرص على المصالح العليا للشعب الفلسطيني , كان يحظى باحترام من جميع كوادر فتح والثورة الفلسطينية حيث كان يلقب بالوالد الحنون .
بعد العودة إلى أرض الوطن عين نائباً لمدير الشرطة الفلسطينية حتى إحالته إلى التقاعد عام 2005م .
كان عبود عضواَ في المجلس الثوري لحركة فتح وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني وعضواً في المجلس المركزي الفلسطيني .
لقد كان الأخ / عبود مناضلاً صلباً وبلا حدود وفارساً قدم حياته من أجل وطنه وقضيته العادلة .
أنتقل إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 14/6/2008م .
لقد رحلت عنا ونحن نمر في حالة من الانقسام البغيض انقسام مزق الشعب والأرض وأصبحنا نعيش في كيانيين منفصلين .
لقد رحلت في وقت نحن بأمس الحاجة إليك , لقد غادرتنا بعد أن خدمت جل حياتك من أجل القضية والشعب والثورة بشرف وإخلاص .
لقد فقدنا فيك أباً حنوناً وأخا كبيراً شجاعاً وأبناً باراً لفلسطين وصديقاً صدوقاً للجميع .
بموت الرجل منا تطوى صفحته وينسى أعز أصدقاءه وأحبائه ولا أحد يتذكره أو يقوم بتكريمه بالشكل الذي يستحق لنضاله .
رحمك الله يا أبا الجميع يا أبو إبراهيم وأسكنك الله فسيح جنانه .