بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
منهل توفيق مكاوي شديد من مواليد بلدة علا – بالضفة الغربية عام 1942م درس في مدارسها المرحلة الابتدائية والإعدادية وتحصل على الثانوية العامة فيما بعد عام 1960م حيث عمل مدرساً آنذاك.
بعد نيل الجزائر استقلالها عن فرنسا وفي الثالث والعشرين من شهر سبتمبر عام 1963م صدر قرار من رئاسة الجمهورية الجزائرية بممارسة مكتب فلسطين بالعاصمة الجزائرية لنشاطه العام في خدمة القضية الفلسطينية، لقد كان تأسيس مكتب فلسطين في الجزائر هو أول تجسيد عملي وعلني ملموس لحركة فتح.
يقول القائد/ أبو جهاد لقد كانت المهمة الأولى لهذا المكتب هي فتح الأبواب أمام مئات الطلبة الفلسطينيين للالتحاق بالجامعات الجزائرية وكذلك فتح الأبواب أمام مئات المعلمين الفلسطينيين ليقوموا بعملية التعريب والتدريس في الجزائر، فضلاً عن أعمال أخرى عديدة كانت الجزائر بحاجة ماسة لها بعد الاستقلال.
منهل شديد كان من أولئك المدرسين الذين حضروا إلى الجزائر ليعمل مدرساً هناك ويساهم في عملية التعريب حيث عمل لمدة وجيزة في مدارسها.
التحق منهل توفيق شديد بحركة فتح عام 1964م عن طريق الأخ / أبو جهاد ورشح إلى أول دورة للضباط الفلسطينيين في كلية شرشال العسكرية، حيث طلب الأخ أبو جهاد من الحكومة الجزائرية المساعدة في الإعداد والتدريب العسكري لعقد دورات عسكرية في الجزائر ومنها طلبة إدخال بعض المدرسين والطلبة إلى الكلية، حيث وافقت الحكومة الجزائرية على الطلب وعقدت أول دورة عسكرية للضباط في كلية شرشال في بداية عام 1965م حيث كان عدد المتدربين عشرون شاباً من أبناء تنظيم حركة فتح ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر كل من الشهيد/ زياد الأطرش، مصطفى وافي، فوزي أبو سكران، علي عباس، محمود عرسان، والشهيد/ منهل شديد وآخرون، واستمرت الدورة لمدة عام كامل أعقبها التدريب المكثف لمدة شهرين في دورة وحدات خاصة ومن ثم جرى الاحتفال بتخريج أول مجموعة من الضباط الفلسطينيين في شهر فبراير عام 1966م، وقام الرئيس الجزائر الراحل/ هواري بومدين بتخريج تلك الدورة.
عاد عام 1966م الملازم/ منهل توفيق شديد إلى دمشق وانيطت به مهمة الإعداد للعمليات العسكرية والتدريب للأرض المحتلة.
أسهم منهل شديد في تجنيد وإلحاق عدد من أبناء شعبنا الفلسطيني في حركة فتح، قاد منهل شديد التدريب العسكري في معسكر تدريب الحركة بإلهامه في سوريا، وأثناء قيامه بتدريب مجموعة من الفدائيين على كيفية استخدام الألغام المضادة للآليات والدبابات، قام بفك أمان اللغم وطلب من المتدربين الابتعاد عن المكان حفاظاً على أرواحهم حيث أصبح اللغم جاهز للانفجار في هذه اللحظة انفجر اللغم أثناء الشرح وذلك نتيجة الضغط عليه مما أدلى إلى استشهاد كل من الملازم/ منهل توفيق مكاوي شديد وأحمد محمد قاسم الأطرش وإصابة الأخ/ أبو علي إياد إصابة بالغة في عينه وساقه.
لقد مضى الشهيد البطل/ منهل توفيق شديد إلى جوار ربه مكللاً بالغار والفخار، هذا وقد تم مواراة جثمانه الطاهر مع الشهيد/ أحمد الأطرش في المقبرة بدمشق بعد أن تم الصلاة عليهما حيث شاركت جماهير غفيرة من أبناء شعبنا الفلسطيني والسوري في وداع الشهيدين إلى مثواهم الأخير وبما يليق بهما.
وقد شارك الأخ أبو جهاد في الجنازة والقى مقاطع من قصيدة يقول فيها:
– بعث الشهيد ودحرج الحجر.
– من قال إني لاجئ كفر.
– مزقت أكفاني وهاآنذا خلف الحدود أجابه الخطر
لقد كان الشهيد/ منهل شديد متحمساً حيث كان يدرك أن مهمته الأساسية للتدريب والتحضير والإعداد يشكل بذلك الرصيد الأساسي للقواعد الارتكازية والعمليات البطولية.
كان منهل شديد صاحب نظرة أخويه للتربية حيث توجه بحسه ووعيه إلى تربية الأجيال الذين أصبحوا الآن قادة عسكريين.
لقد كان الشهيد/ منهل شديد رجل العمل والممارسة يحضر لدوريات القتال والاستطلاع ودوريات العمق في تلك الفترة بعد الانطلاقة مباشرة، وكان يشرف على التفاصيل والأهداف، وكان يجسد بنضاله وحركته الدؤوبة الفكر الوطني الثوري الصادق الذي أطلقته حركة فتح في الفاتح من يناير عام 1965م، فكان مع المقاتلين منذ انطلاقة هذه الثورة العملاقة حتى سقط شهيداً.
رحمك الله يا شهيدنا البطل/ منهل توفيق شديد ورفيق دربك الشهيد / أحمد محمد الأطرش وأسكنهما الله فسيح جناته.