بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد/ عمر عبدالرحيم صالح نوفل وأسمه الحركي ممدوح في مدينة قلقيلية عام 1944م وتلقى فيها تعليمه المدرسي بمراحله الثلاث وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بدار المعلمين في رام الله حيث تخرج منها بعد عامين، عمل مدرساً في قرى ومدن الضفة الغربية.
أختار الراحل/ عمر نوفل لنفسه عام 1966م اسماً حركياً وهو (ممدوح) تيمناً بضابط عراقي اسمه ممدوح الذي كان أحد ضباط الجيش العراقي الذين رابطوا في نواحي قلقيلية عامي 1948م – 1949م من القرن الماضي حيث أظهر براعة عسكرية عالية في قيادة المعارك ومقاومة القوات الإسرائيلية، وأصبح فيما بعد عمر نوفل يعرف باسم (ممدوح)، وأصبح اسم الشهرة له.
انخرط ممدوح نوفل في العمل الحزبي والسياسي مبكراً وأنتمى لحركة القوميين العرب عام 1962م وشارك في نشاطاتها الطلابية والسياسية والجماهيرية في الضفة الغربية، أنتقل بعد ذلك إلى جناحها العسكري (شباب الثأر) و(أبطال العودة) عام 1965م وشكل مجموعة مسلحة في منطقة قلقيلية عام 1966م.
بعد هزيمة حزيران عام 1967م ترك ممدوح نوفل سلك التدريس والتحق بالعمل الفدائي في حقوق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ بداية تأسيسها، وأسهم في تأسيس جناحها العسكري في الأردن عام 1968م.
ساهم ممدوح نوفل في تأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وانشقاقها عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وذلك في شهر شباط عام 1969م، وكان ممدوح نوفل أبرز أركان هذا العمل.
صعد نجم ممدوح نوفل داخل الجبهة الديمقراطية عندما تولى قيادة القطاع العسكري، ثم تقلد قيادة القوات الثورية من عام 1972 – 1988م، وكان عضواً في اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، وعضواً في مكتبها السياسي، الذي يعتبر الهيئة القيادية العليا في هذا التنظيم.
سمي ممدوح نوفل عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1971م حتى وفاته، وعضواً في المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية منذ تأسيسه عام 1974م حيث كان يتمتع بذكاء سياسي وخبرة عسكرية.
خاض ممدوح نوفلمغامرات الثورة الفلسطينية في الأردن ولبنان ولعب دوراً رئيسياً في التخطيط لعمليات عسكرية فلسطينية كبيرة انطلاقا من الحدود اللبنانية إلى الأرض المحتلة.
أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م غادر ممدوح نوفل بيروت مع قوات الثورة الفلسطينية إلى سوريا.
عاد ممدوح نوفل إلى لبنان بعد ذلك وساهم في إعادة تنظيم القوات الفلسطينية وتولى مهمة قيادة قوات الثورة هناك خلال سنوات 1986 – 1988م.
غادر ممدوح نوفل الساحة اللبنانية متوجهاً إلى تونس في ايلول 1988م بعد اندلاع الانتفاضة الأولى داخل الأرض المحتلة.
عين الرفيق/ ممدوح نوفل عضواً في اللجنة العليا لشؤون الوطن المحتل، وعضو قيادة العمل اليومي للانتفاضة التي كان يترأسها الأخ/ أبو عمار.
ممدوح نوفل عرف كيف ينتقل من العسكرية إلى السياسة وأن يتحول لاعباً في هذا الميدان الصعب الذي عجز قادة آخرين عن ولوجه، فقلة قليلة من القياديين عرفت معنى العمل السياسي، وكيف يكون العمل السياسي، وكيف يمكن توظيف الإمكانات الفلسطينية، وجعلها في خدمة القضية بدل انتقال الفلسطينيين من كارثة إلى أخرى، ومن مأساة إلى ثانية، وفي هذا السياق أصبح ممدوح نوفل ومن العام 1988م من المطالبين باستثمار نتائج انتفاضه أطفال الحجارة من أجل تحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة.
عين ممدوح نوفل عضواً في القيادة الفلسطينية ممثلاً للجبهة الديمقراطية وعضواً في اللجنة العليا لمتابعة المفاوضات، الفلسطينية – الإسرائيلية وشارك في أعمال مؤتمر مدريد عام 1991م كمندوب عنها.
لعب ممدوح نوفل دوراً في الإعداد لاتفاق أوسلو عام 1993م وكان من بين مجموعة صغيرة على علم بالمفاوضات السرية الدائرة في ضواحي العاصمة النرويجية (أوسلو)، كما ساهم بفاعلية في تأسيس الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) وكان عضواً في قيادته الأولى.
كان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي وعضو المجلس العسكري الأعلى.
عاد المناضل/ ممدوح نوفل إلى الضفة الغربية عام 1996م حيث أصبح عضواً في المجلس الأعلى للأمن القومي الفلسطيني ومستشاراً للرئيس، أبو عمار للشؤون الداخلية.
كان ممدوح نوفل من أنصار مبادرة جنيف وعارض بشدة عسكرية الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
صدر للكاتب والباحث والسياسي ممدوح نوفل ستة كتب وهي:
– قصة أتفاق أوسلو (طبخة اوسلو) عام 1995م
– المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية مدريد – واشنطن (الانقلاب) عام 1996م
– البحث عن الدولة الفلسطينية عام 2000م.
– الانتفاضة (انفجار عملية السلام) عام 2002م.
– ليلة انتخاب السيد الرئيس عام 2005م.
– مغدوشه (قصة الحرب على المخيمات في لبنان) 2005م وكان هذا الكتاب الأخير للراحل الكبير.
كتب ممدوح نوفل عدة مقالات وأبحاث سياسية في عدد من الصحف الفلسطينية والعربية، كما أشتهر ممدوح نوفل بكونه محللاً سياسياً بارعاً.
بعد صراع مرير مع المرض أنتقل ممدوح نوفل إلى رحمة الله تعالى يوم السبت الموافق 21/7/2006م في العاصمة الأردنية عمان عن عمر ناهز ال62 عاماً، قضى جلها في خدمة وطنه وقضيته العادلة، وشيع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير في مدينة البيرة التابعة لمحافظة رام الله، وتقدم المشيعين في المراسم الجنائزية الرسمية الرئيس/ محمود عباس وعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية ل.م.ت.ف وممثلون عن المؤسسات الرسمية والشعبية وأعضاء الحكومة وكبار المسؤولين الفلسطينيين من مدنيين وعسكريين حيث تم الصلاة عليه وورى جثمانه الثرى هناك.
الراحل الكبير/ ممدوح نوفل مناضل، كاتب، سياسي، محلل استراتيجي بعد وصوله للوطن تفرغ لتسجيل المحطات المهمة من تاريخ الثورة الفلسطينية، الَّا أن المرض اللعين أقعده عن إكمال هذا الإنجاز.
رحمك الله يا ممدوح نوفل واسكنك فسيح جنانه.