بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد جمعة مصباح الجملة في حي التفاح بمدينة غزة هاشم بتاريخ 14/3/1937م في عائلة وطنية ومناضلة وتلقي تعليمة الابتدائي والإعدادي في مدارسها ومن ثم حصل على الثانوية العامة من مدرسة فلسطين الثانوية.
أثناء دراسة الطالب/ جمعة في المرحلة الثانوية كانت المؤامرات تحاك ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ضمن مؤامرة التوطين في صحراء سيناء، حيث اجتاح قطاع غزة في ذلك الوقت المظاهرات والاحتجاجات التي كانت على أشدها حيث أوقفت هذه المظاهرات مؤامرة التوطين، كان الطالب/ جمعة الجملة في مرحلة الشباب يتطلع إلى أن يكون أحد الضباط الذين يدافعون عن هذا الوطن ويحلمون بالعودة إلى الديار التي احتلها المغتصب فالتحق بالكلية الحربية المصرية في عهد زعيم الثورة المصرية الراحل الكبير الرئيس/ جمال عبد الناصر الذي سمح لأبناء الشعب الفلسطيني بالالتحاق ودخول الكلية الحربية وكان الطالب جمعة الجملة من ضمن عدد خمسة عشر فرداً يلتحقون بالكلية بتاريخ 15/8/1956م أي قبل العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة وكانت هذه الدورة هي الدفعة الثالثة لقبول طلبة في الكلية، تخرج بتاريخ 19/11/1957م برتبة الملازم.
عمل الملازم/ جمعة الجملة في ك 319 مشاة ضمن الوحدات الفلسطينية المتواجدة في القنطرة شرق بعد التخرج مباشرة.
شارك ضمن الوحدات الفلسطينية في العرض العسكري الذي أقيم في قطاع غزة بتاريخ 7/3/1958م بمناسبة مرور عام على خروج القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وسيناء أثر العدوان الثلاثي.
تنقل الضابط جمعة الجملة في العمل ما بين ك 319 و ك 320 مشاة وبقي حتى عام 1960م حيث نقلت هذه الوحدات من القنطرة شرق إلى قطاع غزة وبعدها ثم إنشاء ك 321 مشاة ضمن تشكيل اللواء (107 مشاة).
التحق الضابط جمعة الجملة بدورة أركان الحرب في مصر وحصل على ماجستير في العلوم العسكرية ضمن الدورة رقم (21).
شارك في حرب عام 1967م مدافعاً عن قطاع غزة مع زملاءه من ضباط وأفراد جيش التحرير الفلسطيني وبعد سقوط القطاع توجه مع بعض العسكريين إلى قناة السويس حيث التحقوا بقوات عين جالوت حيث كان تجمعها في منطقة العامرية بالإسكندرية حيث تم تجهيز معسكر لقوات عين جالوت الذين حضروا من غزة ثم انتقلت هذه القوات إلى جبهة قناة السويس منطقة البحيرات المرة (فايد، كبريت، كسفريت، جنيفا) وذلك ضمن الخطة العسكرية المصرية وضمن الواجب المحدد لها.
بعد معركة الكرامة الخالدة عام 1968م والهزيمة النكراء عام 1967م والتي تعرضت لها الأمة العربية تحركت المشاعر الوطنية الجياشة في صدر الرائد جمعه الجملة وتذكر مسقط رأسه في قطاع غزة الذي يرزح تحت نير الاحتلال الصهيوني إلى جانب الضفة الغربية وسيناء والجولان المحتل، وكانت المقاومة الفلسطينية قد بدأت في عملياتها العسكرية كانت له رغبه جياشه في الالتحاق بالعمل الفدائي وتشاء الأقدار أن يتم تشكيل مجموعة من أكفاء ضباط وأفراد جيش التحرير الفلسطيني المتواجدين على ضفاف قناة السويس وذلك في شهر أغسطس من عام 1968م حيث أرسلوا لمساعدة قوات الثورة الفلسطينية في الأردن وتمركزت هذه المجموعة في منطقة الطفيلة جنوب الأردن حيث تم تعيين الرائد الركن/ جمعة مصباح الجملة قائداً لهذه المجموعة التي سميت بالاسم الحركي (مجموعة أبو هاني) وعليه فقد أطلق الرائد جمعة الجملة على أحد أبنائه اسم هاني تيمناً باسم المجموعة.
شاركت تلك المجموعة في عدة عمليات عسكرية داخل الأرض المحتلة كما شاركت في عمليات قصف الصواريخ لمصنع البوتاس الإسرائيلي وعمليات الدعم والمساندة والأسناد للضفادع البشرية المصرية التي قامت بتفجير المدمرتين الإسرائيليتين في ميناء إيلات (بيرشيفع وبيت يام).
قامت مجموعة أبو هاني بتدريب منتسبي حركة فتح وكوادر ومقاتلين طيلة هذه المسيرة وشاركت في الدفاع عن الثورة والشعب في أحداث أيلول الأسود عام 1970م في الأردن.
بعد هذه الأحداث انتقلت المجموعة إلى سوريا ولبنان وقد شاركت بكفاءة في حرب أكتوبر على الجبهة السورية واللبنانية مع قوات الثورة الفلسطينية حيث قامت بأعمال بطوليه مجيدة مسجلة ذلك بأحرف من نور.
شاركت مجموعة أبو هاني في الدفاع عن الثورة الفلسطينية أثناءلاالحرب الأهلية اللبنانية كما ساهمت في أنشاء جهاز الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان.
عمل العقيد الركن/ أبو هاني في القضاء العسكري بالإضافة إلى عمله كقائد للمجموعة حيث كان مثالاً يحتذى به في النزاهة.
عين مساعداً لمدير العمليات المركزية لقوات الثورة الفلسطينية في لبنان، كما عين نائباً لمسير أمور جيش التحرير الفلسطيني في لبنان، ذلك أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982م.
عين العقيد الركن/ جمعة الجملة قائد لقوات بيروت الصمود في السودان بتاريخ 29/11/1982م كما عين نائباً لقائد مجموعة العمليات الخامسة التي كان يتولاها العقيد الركن/ محمود دعاس وذلك اعتباراً من 5/2/1983م حيث كانت تضم كل من (قوات بيروت الصمود السودان – قوات شهداء صبرا – صنعاء، قوات شهداء شاتيلاً – عدن – بالإضافة إلى مهامه السابقة).
أثناء الانشقاق الذي قامت به حفنة مأجورة وخارجة عن الحركة كان متواجداً في البقاع اللبناني عام 1983م حيث تم اختطافه من قبل المنشقين وساوموه أن ينضم إليهم إلا أنه وبحنكته العسكرية تمكن من النجاة من أيديهم.
أمتاز العقيد الركن/ أبو هاني برباطه الجأش والعطف، كما كان يجمع بين القوة واللين، كان يحلم أبو هاني كغيرة من أبناء وطنه وقضيته بأنه لن يتخلي يوماً عن حلم تحرير فلسطين.
لم يعرف أبو هاني الكلل أو الملل ولم يتسرب إلى نفسه يوماً ما طيلة خدمته في الكفاح المسلح والثورة الفلسطينية.
كانت مجموعة أبو هاني تقوم بتدريب مئات الشباب الفلسطينيين الذين التحقوا بالثورة الفلسطينية .
قدمت مجموعة أبو هاني العشرات من خيرة ضباطها وأفرادها شهداء من أجل الوطن والقضية العادلة وكذلك تم أسر بعضاً منهم أثناء قيامهم بعمليات عسكرية داخل الأرض المحتلة.
المناصب التي تسلمها:
– قائد مجموعة أبو هاني.
– عضو المجلس الثوري لحركة فتح.
– عضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية.
– مساعد مدير العمليات المركزية لقوات الثورة الفلسطينية.
– نائب مسير أمور جيش التحرير الفلسطيني في لبنان.
– قائد قوات بيروت الصمود في السودان.
– نائب قائد مجموعة العمليات الخامسة.
استشهد العميد الركن/ جمعه مصباح الجملة (أبو هاني) بتاريخ 6/1/1985م أثر حادث سيارة بعد قيامه بعمل دراسات جيولوجية لحفر آبار في بور سودان لحل مشكلة قلة المياه التي تعاني منها قواتنا المتواجدة في المعسكر واستشهد كذلك مرافقة المساعد أول/ موسى سليمان أبو العلا.
هذا وقد نعى الأخ أبو عمار والمجلس العسكري الأعلى لقوات الثورة الفلسطينية العميد الركن/ جمعة الجملة حيث أقيم بيت عزاء في تونس، وكذلك نعته كل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني/ فتح، حيث كان الشهيد أبو هاني قائداً من رموز كفاحنا الثوري المسلح.
تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته.