بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
حنا عيد مقبل ابن قرية الطيبة قضاء القدس، ولد عام 1939م وترعرع فيها حيث أكمل دراسته وعمل في مجال الصحافة بعد تخرجه من الجامعة في القدس، في جريدة فلسطين بالقدس، وجريدة الدستور في الأردن.
التحق بحركة فتح بعد هزيمة حزيران عام 1967م حيث عمل في مجال الإعلام وتبؤ حنا مقبل على امتداد حياته العديد من المواقع النضالية والمهنية البارزة، أهمها اسهامه بشكل فعال في تأسيس أولى الدوريات الفلسطينية وهي صحيفة (فتح) كلسان حالة حركة فتح حيث كان مديراً لتحريرها والتي كانت تصدر في العاصمة الأردنية عمان، وساهم في تأسيس الإعلام الموحد الفلسطيني، وعمل مسؤولاً تنفيذياً في قيادة الجهاز عند تـأسيسه.
تولى حنا عيد مقبل (أبو ثائر) رئاسة تحرير مجلة فلسطين الثورة في بيروت وذلك بعد استشهاد رئيس تحريرها الأول الشهيد/ كمال ناصر حيث استمر فيها حتى تشرين ثاني 1973م والتي استمرت المجلة في عهده على خطها الثوري الصحيح، ومن خلال هذه المجلة عمل حنا مقبل على نشر ثقافة الوحدة الوطنية والديمقراطية والمقاومة، وكانت (فلسطين الثورة) لسان حال المقاومة الفلسطينية في لبنان.
حنا عيد مقبل كان نموذجاً للمناضل الوطني الملتزم بقضيته وتطلعات شعبه، كان يأخذ من الثقافة سلاحاً مقاتلاً، فقد كان كاتباً وصحافياً وطنياً وشغل منصب رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين العرب، وفي نفس الوقت كان نقيباً شرساً.
كان حنا مقبل يوفق بين نشاطه النقابي ونشاطه الوطني، فقد أعطى في كتاباته ونضاله أهمية كبيرة لبناء الديمقراطية داخل منظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني كشرط أساس لمواجهة الاحتلال، وناضل من أجل هذا الهدف السامي.
حنا مقبل كان رمزاً للثقافة المقاومة والشباب المناضل وكان قائداً يتقدم الصفوف ليسجل صوت فلسطين لتعلو القضية الوطنية في آفاق رحبه من اجل إسماع الصوت الفلسطيني للعالم كله، لذلك كان العدو دائماً يستهدف الكتاب والإعلاميين والمثقفين كان هاجسه الأول هو الوحدة الوطنية الفلسطينية.
لقد كان حنا عيد مقبل (أبو ثائر) ثورياً بمعنى الكلمة ولا يقبل المساومة، وكاتب عنيد حمل آرث الشهيد كمال ناصر في فلسطين الثورة فأرسى فيها نهج فلسطين بكل أطيافها وكان واحداً من الذين أثروا المكتبة الفلسطينية والعربية ومن أصحاب الرأي الصريح.
في عام 1978م بدأ حنا مقبل في عمل مؤسسة تحمل اسم القدس برس حيث قال آنذاك سأحاول أن أضخ إلى الناس من خلالها ما يمكن أن يساهم في إجلاء الحقيقة وكبرت المؤسسة فعلاً وانتشر حنا مقبل وزملاؤه وآخر ما كان يفكر ويطمح إليه هو مشروع إنشاء مجلة عربية قومية اسمها (دفاتر عربية)
انتخب حنا مقبل عام 1979 أميناً عاماً لإتحاد الصحفيين العرب بصفته ممثلاً لفلسطين، وجدد انتخابه عام 1983 لأربع سنواتٍ أخرى.
كان حنا مقبل أحد مؤسسي الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين وتولى أمانة سر الأمانة العامة للاتحاد حتى عام 1980م.
عضو اللجنة الدولية لحماية الصحفيين المنبثقة عن منظمة الصحفيين العالمية (I.O.J).
مدير وكالة (قدس برس) للخدمات الصحفية في بيروت ووكالة (الشرق برس) في نيقوسيا.
حضر المؤتمر العام الرابع للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في صنعاء أوائل شهر مارس 1984م.
اغتيل حنا عيد مقبل (أبو ثائر) في نيقوسيا صباح يوم الخميس الموافق 3/5/1984م الساعة الثامنة والنصف صباحاً بينما كان متوجهاً إلى مكتبة ترافقه مديرة المكتب السيدة/ ريموندا فران فقام مجهولون بإطلاق النار عليهما من مسدس كاتم للصوت فاخترق الرصاصة قلبه بعد أن مزقت بطاقة الصحافة التي كان يحملها في جيب قميصه وكذلك أصيبت السكرتيرة نقلاً إلى المستشفى حيث استشهد حنا مقبل فيما عولجت سكرتيرته من جراحها البليغة.
الجريمة أثارت بما تضمنته من خسة وغدر، مختلف الأوساط والكوادر السياسية والمهنية في م.ت.ف والصحافة الفلسطينية، والعربية والدولية، فضلاً عن الأحزاب والقوى الصديقة، وليس بذلك بكثير، لما كان يحتله الشهيد على امتداد حياته من مواقع نضالية مهنية بارزة.
لقد استمر الشهيد/ حنا عيد مقبل مناضلاً بالكلمة إلى أن دفع ضريبة موقفه الفلسطيني الملتزم بقضايا النضال الوطني الفلسطيني والعربي تحقيقاً لشعار (بالدم نكتب فلسطين)
استشهد المناضل الكبير حنا مقبل شهيد الكلمة على يد أجهزة الموساد الإسرائيلي.
من أقوال الشهيد حنا مقبل:
“أن تكون فلسطينياً يعني أن تكون مقاتلاً، ففي الوقت الذي يحاولون فيه الفصل بين القضية والثورة يكون الانتماء للثورة هو المعيار الوحيد للمواطنة، فالثورة في غياب الوطن هي الوطن”.
“فلسطين هي هوية نضالية، من يناضل من أجل فلسطين ولو ولد في الهنولولو، فهو فلسطيني ابن فلسطيني، ومن لا يناضل من أجل فلسطين، وإن ولد في القدس، ليس فلسطينياً ولا علاقة له بفلسطين”.
أبا ثائر أن التاريخ لا ينحني إلا نادراً، ولا يتوقف إلا لمن حفروا أسماءهم بأحرف من نور عبر صفحاته وحجزوا لهم أماكن مشرفة مضيئة عبر سنوات طويلة مليئة بالكفاح والنضال والجهد والعرق.
أبا ثائر كم هو فراقك صعب، وكم صعب علينا أن نرى في عينيك دمعتان، دمعة لفلسطين ودمعة لنا، لكن نهاية الرجاء دائماً معروفة، فأما الموت المجيد أو الشهادة المظفرة وها أنت نلت تلك الشهادة بإذن الله تعالى.
الشهيد/ حنا مقبل متزوج وله ولد (ثائر) وبنت هي (سلام).
نقل جثمان الشهيد الأديب والمفكر الكبير/ حنا عيد مقبل (أبو ثائر) إلى عمان حيث وورى الثرى في مقبرة أم الحيران بالأردن.
حيث كان في وداعه جماهير غفيرة وجمع كبير من الكتاب والأدباء والصحفيين الفلسطينيين والأردنيين وقيادات منظمة التحرير الفلسطينية بالأردن.
هذا وقد نعته م.ت.ف وحركة فتح الشهيد البطل/ حنا مقبل الأمين العام لإتحاد الصحفيين العرب الذي اغتيل على يد الغدر والخيانة صبيحة يوم الخميس 3/5/1984م في نيقوسيا، الشهيد حنا مقبل هو من أبرز رواد الإعلام الوطني الفلسطيني ومن المبادرين لتأسيس المؤسسات الرئيسية لهذا الإعلام لقد تولى المسؤوليات القيادية الأولى لعدد من هذه المؤسسات وقد أدانت جريمة الاغتيال البشعة باسم الشعب الفلسطيني.
هذا الفارس الذي التحق بقافلة الشهداء البررة الذين سقطوا على الطريق إلى القدس، الطريق إلى فلسطين لتؤكد أن مسيرة التحرير التي دفع الشهيد البطل/ حنا مقبل حياته من أجلها سوف تستمر وتتواصل إلى ان يحقق شعبنا أهدافه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، كذلك نعاه الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
أبا ثائر …. شهيدنا لذكراك المجد وعلى روحك السلام.