بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد الشهيد/ حليم في قرية برقين قضاء نابلس بتاريخ 6/3/1950م، وذلك بعد عامين، من هجرت أسرته من قريتهم الخيرية قضاء يافا عام 1948م، والتي بعدها أنتقلوا إلى مدينة نابلس، درس في مدرسة الصلاحية، وكان عضواً في فريق كرة القدم، حيث شارك في العديد من المباريات.
بعد هزيمة حزيران عام 1967م غادر إلى القاهرة حيث أنهى دراسته الثانوية عام 1968م، وفي عام 1969م غادر إلى يوغسلافيا للدراسة، حيث حصل على الشهادة الجامعية الأولى في الاقتصاد والعلوم السياسية وبعدها حصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية.
خلال دراسته التحق مبكراً بحركة فتح، حيث كان نشيطاً ويؤدي مهامه بصمت وبدقة، وقد مارس العمل النقابي في يوغسلافيا حيث تبوأ عضو لجنة اقليم يوغسلافيا ونائب رئيس اتحاد الطلبة الفلسطينيين هناك.
عند بداية الحرب الأهلية في لبنان عام 1975م، وما تعرضت له المخيمات الفلسطينية من تدمير ممنهج على يد الانعزاليين في لبنان، حينها صدرت التعليمات لكافة أقاليم الحركة بالخارج لدعم قوات الثورة في لبنان وعليه تم انشاء معسكر تدريب في البقاع حيث كان قائد المعسكر في ذلك الوقت، د. رمزي خوري الذي كان يستقبل كوادر تنظيم الحركة الذين قدموا إلى لبنان لنداء الواجب.
كان يوجد هنالك عدد كبير من كوادر حركة فتح اقليم يوغسلافيا، منهم على سبيل المثال لا الحصر كل من:
– ابراهيم أسد – أمين سر التنظيم ورئيس اتحاد الطلاب.
– حليم حمودة – عضو لجنة اقليم ونائب رئيس اتحاد الطلاب.
– زهير الناطور – عضو لجنة اقليم وعضو الهيئة الادارية للاتحاد.
– ابراهيم خريشة – عضو لجنة المنطقة وعضو الهيئة الادارية للاتحاد.
– نبيل الدقاق – عضو لجنة منطقة وعضو الهيئة الادارية للاتحاد.
– حازم رضوان – عضو لجنة منطقة وعضو الهيئة الادارية للاتحاد.
– وصفي عودة – عضو لجنة منطقة وعضو الهيئة الإدارية للاتحاد.
– انطون أبو عيطة – عضو لجنة منطقة وعضو الهيئة الادارية للاتحاد.
وآخرون كثر.
التحقوا جميعاً في كتيبة الكرمل بقيادة الأخ/ عبود ابراهيم ونائبه عبد المعطي السبعاوي (أبو ياسر) رحمهما الله، حيث تحركوا إلى خطوط التماس في منطقة القماطية، وخاضوا معركة باسلة ضد الانعزاليين الفاشيين حيث دافعوا بكل رجولة عن مواقعهم وخلال تلك المعركة استشهد كل من:
الشهيد/ أنطوان أبو عيطة، والشهيد/ حازم رضوان رحمهما الله.
عاد بعدها حليم إلى يوغسلافيا لتكملة دراسته في الماجستير، وبعد أن تخرج من الجامعة رجع إلى لبنان عام 1976م حيث أصبح مديراً لمكتب القائد الشهيد/ أبو جهاد ومن ثم مديراً لمكتب حركات التحرر في العالم وهو المسؤول عن العلاقة بين الثورة الفلسطينية وهذه الحركات ومنها (الثورة السنديانية في نيكاراغوا، والثورة الإسلامية في إيران وحركات التحرر في أفريقيا) وكذلك الاشراف على معسكرات التدريب لهم في لبنان، حيث كانت حركة فتح دعمت حركات تحرر لا حصر لها واحتضنت الكثير من أحرار العالم.
لقد ربطت الشهيد حليم علاقة وثيقة مع تلك الثورات، حيث كان شديد التعاطف معهم، وكان يقدم لهم كل أشكال العون والمساعدة في إطار توجه الثورة الفلسطينية.
سافر إلى عدة دول ضمن وفود رسمية لحركة فتح والثورة الفلسطينية لتهنئة تلك الثورات بانتصاراتها ومنها إيران، ونيكاراغوا وغيرهما.
خلال اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982م، كلف حليم بنقل مقر قيادته إلى الجبل والبقاع على رأس قوة اعدها الأخ/ أبو جهاد للعمليات الخاصة، حيث اتخذت من البقاع مركزاً لها، حيث قامت هذه القوة بتنفيذ العديد من العمليات العسكرية خلف خطوط العدو الإسرائيلي، وعندما تم أسر الجنود الإسرائيليين، قام الشهيد حليم بدور دائم في تغيير مواقعهم بالاشتراك مع الأخوة الذين قاموا بأسرهم وذلك خوفاً من أكتشافهم من قبل العدو أو السوريين.
بعد خروج المقاتلين من لبنان لاحت في الأفق مؤامرة الانشقاق حيث وجد حليم ورفاقه في السلاح إنه توجد أمامهم مؤامرة جديدة تستهدف مصادرة قرار الثورة، كان حليم من أشرس المدافعين عن وحدة حركة فتح وقرارها الوطني المستقل، حيث وقف إلى جانب رفاق الدرب في خندق الدفاع عن الثورة.
حليم كان مثالاً لأبن فتح الصادق الصابر الملتزم وظل في موقعه في البقاع إلى أن نال الشهادة.
في ذلك اليوم يوم أستشهاد البطل/ حليم كان في زيارة إلى مستشفى بر الياس وقد خرج ذاهباً إلى محطة البنزين لتعبئة سيارته، الَّا أن “جماعة المنشقين وجماعة احمد جبريل”، كانوا قد نصبوا له كمين في منطقة على طريق شتورا – بر الياس عند محطة البنزين، حيث تم التعرف عليه وقامت تلك المجموعة بإطلاق النار عليه فاستشهد برصاص الغدر والخيانة من المنشقين، فأرتقى شهيدنا، وقام بعض الاخوة بنقله إلى مستشفى بر الياس.
نقل الشهيد حليم إلى الأردن ودفن في مقبرة صويلح حيث تسكن عائلته.
الشهيد حليم متزوج وله ولد وبنت.
بدمائه الزكية سطر الشهيد/ حليم ملحمة النضال الفلسطيني، فكان صفحة كتبت بالدم، وشمعة أضيفت إلى شموع الوطن لينير الدرب الطويل إلى القدس الشريف.
لقد كان الشهيد/ حليم هادئاً بطبعه، دقيقاً في تنظيم شؤون عمله، واعياً ومثقفاً، مخلصاً في عمله، محبوباً من الجميع.
كان يحمل رسالة إنسانية وطنية تحررية، يوقظ بها ويلهب الشعور الوطني في قلب كل إنسان عرفه أو تعامل معه.
امتاز الشهيد/ حليم بالرجولة والأمانة والإخلاص لوطنه ولشعبه ولقيادته، انه المناضل الإنسان والذي أعطى نموذجاً حياً لكي يكون في خدمة الناس.
لقد أحب فلسطين وضحى من أجلها، وكان قائداً له تجربة جديرة بالاحترام.
لقد كان الشهيد/ حليم المؤتمن في شغل هذا المنصب وكان يتمتع بثقة عالية ولا محدودة من قبل القائد الشهيد/ خليل الوزير (أبو جهاد).
سلاماً على ذلك الوجه الجميل، وجه الشهيد حليم، الذي يصاحبنا مثل ظلنا، يتجلى علينا مهيباً وفيه جلال الخلود والوقار.
أينما كنت يا شهيدنا، رحمك الله ستبقى في ذاكرة الجميع.
سنتذكرك على مر الأيام والسنون ما حيينا، لأنك تستحق ذلك، ولأنك قدمت عمرك من أجل فلسطين.
في ذكرى استشهادك الثانية والثلاثون، يجب على الجميع الذين عايشوا تلك السنوات الماضية بحلوها ومرها، أن يقوموا بتوثيق ما يعرفونه عن شهداءنا، شهداء حركة فتح، شهداء الثورة الفلسطينية، حتى لا تندثر تلك الصفحات المضيئة، من عمر ثورتنا الفلسطينية.
رحمك الله يا شهيدنا البطل/ حليم واسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.