بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
عند الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الثلاثاء الموافق 1/10/1985م نفذ الطيران الإسرائيلي ضربته الجوية على مقر القائد العام ومقرات القيادة الفلسطينية في حمام الشط بعدد ثمانية طائرات حربية حيث سقط من جراء تلك الضربة (56 شهيداً) من الضباط العسكريين و (18 شهيداً تونسياً) وجرح (28 شخصاً) حيث كان مقرراً في صباح ذلك اليوم اجتماعاً للقيادة الفلسطينية برئاسة الأخ/ أبو عمار إلا أنه تأخر في الوصول إلى حمام الشط حيث كتب له النجاة من الموت المحقق.
لم تكن الغارة الصهيونية الإجرامية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس هي أولى الغارات الوحشية ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامد دوماً في مواجهة الاحتلال الصهيوني, ولن يكون الشهداء الذين ذهبوا ضحية تلك الغارة آخر الشهداء فمنذ أن وطأة أقدام الصهاينة الأرض المقدسة وأبناء فلسطين يذودون بأنفسهم دفاعاً عنها وعن مقدساتها ويقدمون في سبيلها أغلى ما يملكون لقد أسفرت هذه الغارة الإجرامية عن مقتل عدة من القادة الضباط الأبطال الذين تركوا بصماتهم الواضحة في سجل الكفاح الفلسطيني المشرف عبر المسيرة المتقدمة باستمرار.
ومع أن الغارة الصهيونية قد فشلت في قتل قائد الثورة والمسيرة الأخ أبو عمار إلا أنه يجب إلقاء الضوء على عدة من هؤلاء الضباط الذين استشهدوا في تلك الغارة لهو أمر ضروري لتعريف الجميع ولتذكيرهم بهؤلاء الشهداء وهم على سبيل المثال لا الحصر:
1- الشهيد العقيد/ فؤاد أبو الفتح أحد ضباط جيش التحرير الفلسطيني كان قادماً من السودان إلى تونس لإنهاء بعض المعاملات الإدارية أثناء حدوث تلك الغارة الصهيونية, هو خريج الكلية العسكرية العراقية.
2- الشهيد العقيد/ فتحي الغول من ضباط جيش التحرير الفلسطيني, خريج الكلية الحربية المصرية, عمل في وحدات قوات عين جالوت في قطاع غزة وكذلك على ضفاف قناة السويس, كان من الضباط المميزين حيث تصدي ورفاقه للقوات الغازية خلال احتياج الجنوب عام 1978م, عمل في قوات بيروت الصمود في السودان, وحضر مع زميله العقيد أبو الفتح إلى تونس لإنهاء معاملات إدارية للقوات.
3- الشهيد المقدم/ نور واسمه الحقيقي عبد الكريم عارف ذيب عبد الخالق من قرية دير أبو ضعيف التحق بالحركة مبكراً عام 1967م حيث التحق بدورة في الجزائر وكذلك في مصر ودورة قادة كتائب في الاتحاد السوفيتي سابقاً, عين نائباً لقائد القطاع الأوسط في الجنوب اللبناني وأثناء الغارة على مقرات القيادة كان يعمل في العمليات المركزية حيث سقط البطل نور شهيداً.
4- الشهيد المقدم/ شاستري أبو العبد واسمه الحقيقي محمد عبد الله أبو عياش هو من مواليد عام 1950م في مدينة نابلس حيث التحق بالثورة عام 1967م عمل في الساحة الأردنية والساحة اللبنانية حيث أصيب عدة مرات بجراح في رأسه وهو يقاتل دفاعاً عن فلسطين, عين في لبنان قائد كتيبة رأس العين التابعة لقوات أجنادين التي شاركت في كل معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية وخصوصاً في الحرب الأهلية اللبنانية عمل في مقر العمليات المركزية في تونس حتى لقي ربه شهيداً أثناء تلك الغارة اللعينة.
5- الشهيد المقدم/ شكيب واسمه الحقيقي فهيم يوسف حسن عازم من مواليد قرية سبسطية, التحق بحركة فتح عام 1967م, وفي عام 1968م وقع الشهيد شكيب في الأسر واعتقل لمدة عامين ونصف العام في سجون الاحتلال الإسرائيلي, تم إبعاده في بداية عام 1970م حيث عمل في جهاز أمن الثورة (الرصد سابقاً) وبقي في هذا الموقع حتى انتقل إلى مكتب البعثات في بيروت كمدير للمكتب من عام 1973م-1975م بعدها وتقديراً لتفانيه في العمل وإخلاصه وشجاعته وانضباطه تم تنسيبه ليعمل في مكتب الأخ/ أبو عمار وأصبح من المقربين جداً له.
شكيب مناضل صلب ووطني ومخلص عرف عنه العمل بهدوء وصمت وكان مثالاً للكادر الجاد والمخلص بعمله وظل شكيب يؤدي دورة حتى سقط شهيداً في الغارة الغادرة على مقر مكتب الأخ أبو عمار.
6- الشهيد المقدم/ على الزئبق واسمه الحقيقي مجدي الأنصاري من مواليد مدينة يافا, هاجرت عائلته إلى القاهرة عام 1948م, التحق بحركة فتح عام 1967م وكان كادراً أساسياً في جهاز الرصد المركزي, عمل ضمن قوات ال17 في بيروت وكان ضمن مجموعة الشباب الذين يحرسون الأخ/ أبو عمار. في تونس كان واحداً من ضحاياً تلك الغارة الصهيونية على مكاتب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
7- الشهيد الرائد/ جميل أبو غوش من مواليد قرية عمواس التحق بحركة فتح عام 1967م, قام بعدة عمليات عسكرية ضد قوات العدد أثناء وجودة داخل الأرض المحتلة, دافع عن الثورة في جميع المعارك, عمل في شؤون الأردن وفي العمليات المركزية, تلقي دورة قادة سرايا استطلاع في الاتحاد السوفيتي سابقاً, كان يكلف بالمهام الصعبة من قبل قيادته استشهد أثناء الغارة الصهيونية حيث ارتقي إلى العلي.
8- الشهيد الرائد/ بسام شحرور من مواليد مدينة طولكرم, التحق بصفوف حركة فتح عام 1978م حيث تخرج من جامعة الجزائر وحصل على ماجستير في الهندسة الطبوغرافية العسكرية, عمل في مقر العمليات المركزية في بيروت حتى الاحتياج الإسرائيلي, وعندما انتقلت قوات الثورة إلى تونس تسلم مهامه في رئاسة الأركان حيث كان مدير مكتب نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء/ أبو المعتصم.
وهناك شهداء آخرون مثل:
الشهيد/ جمال هواري
الشهيد/ يوسف الداية أبو محمد
الشهيد/ سعيد بدوي
الشهيد/ أبو مصطفى
لقد رحلوا مع الراحلين وارتقوا إلى العلى شهداء بعيداً عن أرض الوطن, هذه الكوكبة الذين عاهدوا الله على تقديم أرواحهم فداءً للوطن.
سوف تبقي تونس حاضرة في وجدان وضمير كل فلسطيني ومقاتلي الثورة الفلسطينية حيث استقبلت قواتنا بعد الخروج من بيروت. أنها تونس الخضراء محطة اللجوء بعد الصمود الأسطوري والخروج الصعب من بيروت.
تونس التي يرقد فيها شهداءنا الأكرم منا جميعاً, لقد امتزج الدم الفلسطيني مع الدم التونسي على أرض تونس الحبيبة هذه المرة بكثافة, لأن مصيرنا هو مصير مشترك واحد فتحيه لتونس الخضراء والرحمة لشهداء الأبرار.