بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد في قرية بيتين قضاء رام الله عام 1926م وتلقى دراسته حتى الصف الرابع الابتدائي في مدرسة القرية، ثم انتقل إلى مدرسة البيرة ودرس فيها حتى الصف السابع الابتدائي، وأكمل دراسته الثانوية في الكلية الرشيدية بالقدس وحصل على شهادة (المترك) عام 1944م، وكان واحداً من طلابها المتفوقين.
ومما لا شك فيه أن المدينة الفلسطينية لعبت دوراً بارزاً في حياة فائق وراد، فقد عاش وهو فتى يافع في القدس أربع سنوات، وهي سنوات دراسته في الكلية الرشيدية وهي أهم مدرسة ثانوية في فلسطين في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، ثم عاش متنقلاً ما بين الخليل وغزة ونابلس، لقد تأثر وعي فائق وراد آنذاك بما في المدينة من عصرنه وتقدم، وتركت ثورة الشعب الفلسطيني في الأعوام 1936م – 1939م، ضد الانتداب البريطاني والهجرة الصهيونية، اثرها على وعيه الغض وهو يتابع بعض مظاهرها وتجلياتها، ما أسهم في تحديد خياراته الفكرية والسياسية فيما بعد، لقد كان فائق وراد راغباً في العيش في المدينة وذلك لتوسيع آفاقه ومعارفه وقد تم له ذلك وتحقق له الانتماء إلى الفكر الماركسي وهو شاب في مقتبل العمر.
عمل فائق محمد وراد مدرساً في إحدى مدارس مدينة الخليل بعد حصوله على شهادة المترك، وداوم أثناء ذلك على قراءة صحيفة (الاتحاد) الأسبوعية الناطقة باسم مؤتمر العمال العرب ومجلة (الغد) التي كانت تصدرها رابطة المثقفين العرب وهما اللتان كان يزوده بهما بعض زملائه المعلمين المنتمين إلى عصبة التحرر الوطني في فلسطين، المنظمة الماركسية التي ضمت في عضويتها نخبة من المثقفين الفلسطينيين ثم توسعت صفوفها في الفترة التي سبقت النكبة الفلسطينية الكبرى والتحقت بها أعداد كبيرة من العمال والفلاحين.
تنقل فائق وراد في مدن فلسطين وقراها وهو يمارس مهنة التدريس وتعرف على عدد من قادة عصبة التحرر الوطني وأعضائها، وأصبح على صلة بأنشطتها المختلفة دفاعاً عن العمال والكادحين الفلسطينيين ومن أجل الاستقلال الوطني لفلسطين، ولم يلبث أن اصبح عضواً ناشطاً فيها، وبعد فترة وجيزة وهو في العشرين من عمره أصبح عضواً في لجنتها المركزية وواحداً من قادتها البارزين.
بعد النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948م وتشريد الجزء الأكبر منه واقتلاعهم من أرضهم والتي نتج عنها تمزيق المجتمع الفلسطيني، لعب فائق محمد وراد دوراً بارزاً في تأسيس الحزب الشيوعي الأردني، وكان عضواً في اللجنة المركزية للحزب وفي المكتب السياسي لسنوات طويلة، ثم انتخب وهو في سن الخمسين لكي يشغل موقع الأمين العام للحزب بعد وفاة قائده التاريخي فؤاد نصار.
لقد كان الرفيق/ فائق وراد مدافعاً عن كرامة الكادحين ولقمة عيشهم ومن أجل الحريات الديمقراطية ودفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، حتى وصل فائق وراد إلى البرلمان الأردني عضواً فيه وممثلاً عن الحزب الشيوعي عن منطقة رام الله عام 1956م.
اعتقل الرفيق/ فائق وراد بعد أن تم الإطاحة بحكومة سليمان النابلسي الوطنية في الأردن وجرى سحب عضويته مع عدد آخر من الأعضاء الديمقراطيين والوطنيين في البرلمان، وهذه أول مرة تتدخل فيها السلطة التنفيذية جهاراً في عمل السلطة التشريعية وبقي في سجن الجفر الصحراوي مدة ثماني سنوات حيث صدر عفو عام أفرج بموجبه عن الشيوعيين المحتجزين داخل السجون الأردنية وكذلك المطاردين وسمح للمثقفين بالعودة وذلك عام 1965م.
بعد احتلال اسرائيل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية أثر هزيمة حزيران عام 1967م بدأ فائق وراد نشاطه الوطني ضد الاحتلال وحث الناس على الصمود والبقاء في الوطن رغم الهزيمة وكذلك اسهامه في تشكيل لجان التوجيه الوطني في الأرض المحتلة وتحمل أعباء النضال السياسي والجماهيري ضد المحتلين، لهذا فقد تم ابعاد الرفيق/ فائق وراد إلى الأردن.
حاز الرفيق/ فائق وراد على عضوية المجلس الوطني والمجلس المركزي الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث كان من أوائل الشيوعيين الذي شغلوا هذه العضوية، ما جعله واحداً من القادة البارزين في الحركة الوطنية الفلسطينية، وفي منظمة التحرير الفلسطينية.
اصيب الرفيق/ فائق وراد بجلطة دماغية أثناء اجتماع المجلس المركزي للمنظمة في تونس، ونقل على أثرها إلى الاتحاد السوفيتي حيث تمت معالجته من التجلط ومن الشلل النصفي لأطرافه.
عاد/ الرفيق فائق وراد إلى أرض الوطن عام 1994م بعد انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية وعودة قيادة المنظمة بعد خمس وعشرون عاماً من النفي والتشرد، واستقر به المقام في قريته بيتين.
واظب الرفيق/ فائق وراد على أداء دوره النضالي بالقدر الذي كانت تسمح به ظروفه الصحية ولم يتوقف عن ذلك إلى أن اقعده المرض وشل قدراته على الحركة وألزمه البيت طوال السنوات الثلاث الأخيرة من حياته حيث انتقل إلى رحمته تعالى في مدينة رام الله بتاريخ 24/7/2008م، حيث تم دفنه في مسقط رأسه، وقد شارك في جنازته ممثل عن السيد الرئيس والقيادات السياسية الوطنية والتقدمية.
الرفيق/ فائق وراد صاحب المواقف المبدئية، المناضل الكبير الذي قدم الكثير من التضحيات.
لقد دفع الرفيق/ فائق وراد سنوات من عمره ثمناً باهظاً خلال مرحلة النضال في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وكان في صلب الأحداث مناضلاً صلباً لا تلين له قناة، محرضاً على رفض الظلم واغتصاب الأرض والحقوق، وراعياً إلى التغيير والتقدم والعدالة الاجتماعية والحرية والاشتراكية.
الرفيق/ فائق محمد وراد اسم له دلالات كبيرة وعميقة في وجدان من عرفوه وعايشوه وناضلوا جنباً إلى جنب معه، اسم يفتخر به التقدميون والوطنيون الفلسطينيون والعرب.
سلام على فائق وراد (أبو محمد) المناضل الكبير وأحد أبرز الرواد في حركة اليسار الفلسطيني في القرن العشرين.