بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
الحاج/ عوني رباح السيد القيشاوي من مواليد حي الزيتون – غزة بتاريخ 15/7/1924م، نشأ وترعرع في عائلة متدينة وطنية، أتم مراحل دراسته الأساسية في غزة، وحصل على شهادة الثانوية العامة عام 1953م.
شارك يافعاً في العمل الوطني حيث تفتحت عيناه على مآسي العصابات الإجرامية الصهيونية في فلسطين، وأدرك منذ صغره خطر المشروع الصهيوني في فلسطين.
التحق عوني رباح القيشاوي متطوعاً بكتائب (النجادة) وهو تنظيم يسعى لمقامة تهويد فلسطين، ويدرب أعضاءه على حمل السلاح والتطوع للعمل العسكري، ومساعدة الجيش المصري وكتائب الإخوان في حرب عام 1948م.
كان عوني القيشاوي عضواً فاعلاً في جماعة الإخوان المسلمين والتي اتخذت أول شعبة مقراً لها بجوار منزل عمه محمود القيشاوي بحي الدرج.
عمل عوني القيشاوي يداً بيد مع زملاءه في العمل الوطني واستفاد من خبرة وتجارب كبار مؤسسي حركة الإخوان المسلمين ورجالات غزة الوطنية في ذلك الوقت حيث رافق الشيخ عمر صوان والشيخ عبدالله القيشاوي، والحاج ظافر الشوا والأستاذ عبد الرحمن القيشاوي والحاج صادق المزيني والشيخ هاشم الخزندار والأساتذة فائق بسيسو وموسى الصوراني وغيرهم الكثير.
التحق عوني القيشاوي بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ونجح في السنة الأولى 1953م – 1954م، وقطع دراسته عائداً إلى غزة لإكمال مهامه الحياتية.
واءم في عمله بين دراسته ومساعدة والده في تجارته ووظيفته الحكومية في الأشغال العامة ومتطلبات عمله الوطني في القطاع.
بعد أن تم حظر جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1949م، فقد أعلن في قطاع غزة عن تأسيس جمعية التوحيد بتاريخ 18/11/1949م، حيث تسلم أمان الجمعية الحاج ظافر الشوا، وعضوية كل من أحمد فاضل الملاح، وعزت مكي، وعوني القيشاوي، وهاشم حسنين.
اعتبرت جمعية التوحيد في ذلك الوقت مركزاً لتخرج منها معظم القادة الوطنيين والرياضيين الفلسطينيين، حيث تحملت تلك الجمعية عبء نشر الدعوة الإسلامية، ولعبت دوراً رئيساً في إحباط مشروع إسكان وتوطين اللاجئين في سيناء في خمسينيات القرن الماضي.
حلت الجمعية بقرار من السلطات المصرية عام 1958م بعد مغادرة كل من الحاج ظافر الشوا، وأحمد فاضل الملاح قطاع غزة.
عندما تم تشكيل الاتحاد القومي في قطاع غزة وصدور الأوامر بالسماح بإجراء الانتخابات لعضوية الاتحاد القومي، تقدم لها العديد من رجالات غزة، حيث أجريت الانتخابات في جو تنافسي، وتقدم عوني القيشاوي لتلك الانتخابات وفاز بعضوية الاتحاد القومي.
التحق عوني رباح القيشاوي بتنظيم حركة فتح بداية الستينات من القرن الماضي، وظل على رأس التنظيم في القطاع إلى حين اعتقاله في بداية عام 1965م مع مجموعة من أعضاء التنظيم، حيث يعتبر من الرعيل الأول في القطاع، وذلك بعد أن ترك جماعة الإخوان المسلمين.
عند التحاقه بتنظيم حركة فتح كانت تربطه علاقة وثيقة مع كل من القادة الشهداء خليل الوزير وأبو إياد، وكمال عدوان رحمهم الله وكذلك مع الأخ/ سليم الزعنون أطال الله في عمره.
بعد احتلال قطاع غزة عام 1967م بدأت مرحلة مطاردة المناضلين، حيث تنقل أبو معين في عدة أماكن من قطاع غزة باذلاً كل جهده في إعادة وترتيب تنظيم شؤون الحركة في القطاع، غادر بعدها إلى الأردن حيث تقرر تكليفه بإدارة الشؤون المالية للحركة لخبرته السابقة مع زملاء له.
غادر أبو معين الأردن إلى سوريا بعد أحداث أيلول عام 1970 واعتقاله من قبل القوات الأردنية والإفراج عنه ومن ثم توجه إلى القاهرة.
في القاهرة تسلم مهامه النضالية في صفوف حركة فتح، حيث أصبح عضواً في قيادة الإقليم ومسؤولاً عاماً عن المالية في حركة فتح في إقليم مصر.
ساهم الحاج أبو معين من خلال موقعه في اقليم مصر بمساعدة الجميع في تيسير أمورهم وحل بعضاً من مشاكلهم ومساعدة الطلاب الدارسين في جامعات مصر، والإشراف على شؤون معيشتهم، إضافة إلى دوره الوطني الهام بالتواصل المستمر مع شخصيات القطاع وكذلك كلف من قبل القيادة بالإشراف على بعض المشاريع الزراعية والاقتصادية الاستثمارية للحركة في مصر.
مع إصرار الحاج أبو معين على إكمال تعليمه الجامعي، التحق بكلية الآداب – جامعة عين شمس في سن متأخرة، وحصل على ليسانس اللغة العربية في نوفمبر عام 1981م.
الحاج عوني القيشاوي (أبو معين) كان معروفاً بعلاقاته المتوازنة والصادقة مع جميع الأطراف الفاعلة الفلسطينية، وكان مصدر ثقة للجميع بعيداً عن الأنانية والمظهرية والنرجسية.
بعد عودة السلطة إلى القطاع واريحا عام 1994م، كان لأبي معين تحفظات كثيرة، وأبى أن يشارك في أي دائرة للسلطة، وقفل راجعاً لمقر عمله بالقاهرة بالرغم من صعوبة وجوده لوحدة هو وزوجته بعد سفر أولاده وتركهم القاهرة.
الحاج عوني القيشاوي (أبو معين) متزوج وله أربعة أولاد وبنت واحدة وعدداً من الأحفاد (22 حفيداً) غرس فيهم حب الوطن والعلم والعمل، فهم الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال وخبراء البنوك والمشاريع الاجتماعية الخيرية.
كان الحاج أبو معين يحمل في صدره رسالة إنسانية وطنية يوقظ ويلهب بها الشعور الوطني في قلب كل إنسان.
لقد كان أخاً كبيراً لكل الإخوة العاملين في اقليم حركة فتح بالقاهرة من أبناء شعبنا الفلسطيني.
الحاج/ أبو معين عرف عنه الصدق والشموخ، وحسن السيرة والمعشر.
استمر الحاج/ أبو معين في مسيرته عالياً صامداً شامخاً متغلباً على أمراضه الجسدية متقوياً بإيمانه وإرادته وعلمه وعمله وحبه لوطنه، حتى لقى وجه ربه في القاهرة بتاريخ 28/8/1998م، بعد مشوار طويل من العمل الدؤوب، والنضال والعطاء الوطني المستمر والجهد والكد طيلة مسيرته النضالية.
شيع الحاج أبو معين إلى مثواه الأخيرة في القاهرة بجمع حاشد من أصدقائه ومحبيه، رحل عن الدنيا جسداً، وبقيت روحه وسيرته النضالية نبراساً يهتدى به المناضلون والصامدون والطامحون لحياة حرة عزيزة وكريمة.
سنبقى دائماً وعلى الدوام نتذكر طيب مناقبه التي لا تُعد ولا تحصى، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه.