بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد/ عارف محمود خطاب في قرية عين الزيتون/ قضاء صفد في الجليل الأعلى عام 1939م وعاش فيها حتى عام 1948م عندما حلت النكبة بالشعب الفلسطيني حيث شاهد بأم عينه جرائم الصهاينة والمجازر التي ارتكبوها بحق قريته واستشهاد عدد كبير من شباب القرية، فقررت عائلته الهجرة إلى سوريا حيث استقر بهم المطاف في مخيم اليرموك ليصبح لاجئاً وهناك أكمل تعليمه حيث حصل على الثانوية العامة.
كان عارف خطاب دائماً يحلم بالنظر إلى الغرب نحو فلسطين وإلى القدس بلدته عين الزيتون محررة من المغتصبين الصهاينة.
وبعد الهجرة بعشر سنوات التحق الشاب الرياضي بالكلية الحربية بدمشق حيث كانت رغبته أن يكون ضابطاً في الجيش وأثناء الوحدة بين مصر وسوريا تم أرسال طلبه الكلية إلى مصر لتكملة دراستهم العسكرية في القاهرة حيث تخصص في مجال المشاة وتخرج من الكلية الحربية عام 1959م، وبدأ خدمته في قطاع غزة من خلال الوحدات الفلسطينية الملتحقة بالجيش المصري، بعدها عاد إلى دمشق، وخلال الانفصال بين مصر وسوريا عام1961م ولأنه كان يؤمن بالقومية العربية والفكر الناصري، فقد قام مع مجموعة من أصدقاءه الضباط الأحرار بمحاولة انقلاب على الانفصاليين وذلك لإعادة الوحدة بين مصر وسوريا، حيث قاموا بمهاجمة رئاسة الأركان السورية، ولكن الانقلاب فشل، مما حدا بالضابط عارف خطاب إلى مغادرة سوريا عن طريق لبنان ليستقر في مصر كلاجئ سياسي، حيث أعتقل بعض زملاءه في تلك العملية.
أنضم الضابط/ عارف خطاب إلى حركة فتح على يد الشهيد القائد/ هايل عبدالحميد (ابو الهول) في القاهرة الذي كان مسؤولاً عن تنظيم حركة فتح في مصر، وبعد حرب حزيران أنتقل أبو العبد خطاب للعمل العسكري في القواعد والساحة الأردنية، حيث قام بأنشاء معسكر تدريب في منطقة (السخنة)، وبعد أحداث أيلول عام 1970م التي وقعت بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني أنتقل/ أبو العبد خطاب إلى سوريا ولبنان وتولى مسؤولية كتيبة شهداء أيلول والتي كانت متواجدة في منطقة المزرعة، دير العشائر، وحلوة، وبعد ذلك نقل إلى بيروت حيث كلف بإنشاء مدرسة القتال للتدريب النموذجي والمتقدم لكوادر حركة فتح في مخيم برج البراجنة حيث قام بتخريج أفواج من المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين وبعض المنتسبين إلى حركات التحرر العالمية.
كلف الأخ/ أبو العبد خطاب بالسفر إلى ليبيا للمشاركة في إحياء ذكرى انطلاقة الثورة الليبية وكذلك المساعدة في التدريب العسكري هناك، مع بداية الثورة الايرانية عام 1979م كلف بتدريب أطقم حماية وحراسات شخصيات لآية الله الخميني وكذلك سافر إلى إيران على رأس قوة من ضباط حركة فتح من أجل ذلك.
لعب / عارف خطاب دوراً مميزاً من خلال الدفاع عن الثورة خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
وخلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982م أسندت للأخ/ أبو العبد خطاب مهمة قيادة القاطع الخامس في بيروت وحدوده كانت كالتالي (من مستديرة المطار إلى محور الشويفات والحدث والجامعة اللبنانية) حيث وضعت كل القوى الفلسطينية واللبنانية بأمرة القيادة في تلك القواطع.
بعد قرار الخروج من بيروت توجه الأخ/ ابو العبد خطاب إلى سوريا مع القوات التي خرجت من بيروت، حيث كلف بداية عام 1983م بالتوجه إلى اليمن الجنوبي (عدن) وعين قائداً للقوات الفلسطينية هناك (قوات اليرموك) وخلال وجوده في قيادة القوات بعدن تم عمل دورات عديدة للأشبال والزهرات من بعض الدول العربية.
في عام 1987م أوفد في بعثة عسكرية إلى افريقيا حيث قام مع البعثة بتدريب الوحدات الخاصة في الجيش الأنجولي (مرافقي الرئيس) وكذلك تدريب مرافقي رئيس الكونغوبرازافيل، وسافر إلى كل من موزمبيق وزيمبابوي للغرض نفسه .
ابو العبد خطاب كان يعشق التراث الفلسطيني حيث قام بأنشاء أول فرقة موسيقية عسكرية فلسطينية في عدن.
اثناء قيادته قوات اليرموك في عدن تم التنسيق بينه وبين الجيش اليمني حيث أرسل عدداً من مدربينا إلى تدريب عدد كبير من كوادر الجيش اليمني في عدن.
انتخب أبو العبد خطاب عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح في المؤتمر الخامس الذي عقد في تونس في شهر أغسطس 1989م وبقي عضواً فيه حتى المؤتمر السادس عام 2009م.
بعد توقيع اتفاق أوسلو في واشنطن بتاريخ 13/9/1993 وعودة الرئيس ياسر عرفات، اجتمعت الهيئة العليا لقيادة الأمن العام الفلسطيني في تونس بتاريخ 18/9/1993م والمشكلة من الشرطة والمخابرات وقوات الأمن الوطني وأوصت بتشكيل لجان العمل الميدانية اللازمة للمتابعة وإتمام المهام المكلفة منها في الساحات المتواجدة بها قوات منظمة التحرير الفلسطينية حيث تم تشكيل كافة اللجان في ساحات العمل ومنها:
– لجنة التدريب وإعداد المدربين برئاسة العميد/ عارف خطاب، حيث صدرت تعليمات إدارية لرؤساء اللجان بإعداد وتحضير وتدريب وتجهيز وتنظيم هذه القوات.
عاد العميد أبو العبد خطاب من عودة السلطة الوطنية الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية أوسلو وعودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى غزة واريحا حيث كان أحد المساعدين العسكريين للرئيس الشهيد/ ياسر عرفات وكان من المقربين منه.
اللواء ابو العبد خطاب تقلد عدة مناصب خلال مسيرته النضالية في الثورة الفلسطينية حيث كان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وعضواً في المجلس الثوري لحركة فتح سابقاً منذ عام 1989م ولغاية 2009، وعضواً في المجلس الاستشاري، وعضواً في المجلس العسكري الأعلى.
أحيل اللواء/ عارف خطاب الى التقاعد عام 2005م وبعد أن تم تشكيل هيئة المتقاعدين العسكريين أنتخب نائباً لرئيس الهيئة للمحافظات الجنوبية.
بقى اللواء عارف خطاب في غزة بعد احالته للتقاعد ورفض المغادرة منها وكان دائماً يردد (أريد وطناً يكون لي فيه قبر يعرفه ابني واحفادي) اللواء ابو العبد خطاب بقى محافظاً على القرار الوطني المستقل رغم الاغراءات والوعود الزائفة من قبل النظام السوري فترة الانشقاق.
كان اللواء/ عارف خطاب مقاتلاً شرساً شارك في جميع معارك الثورة الفلسطينية، وكان مدرباً كفؤاً من اكفاء ضباط التدريب، لقد قضى أعز فترة سنى حياته مقاتلاً شجاعاً في حركة فتح، حيث كان له دوراً هاماً في مواجهة التحديات التي عصفت بالثورة الفلسطينية والقضية برمتها والأزمات التي تعرضت لها.
لقد ترك اللواء/ عارف خطاب بصمات واضحة وضوح الشمس في تدريب أجيال من الكوادر العسكرية والمقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين.
أنتقل إلى رحمة الله تعالى مساء يوم الخميس الموافق 3/1/2013م أثر عملية اغتيال جبانة في غزة وتم تشييع جثمانه ودفن في مقبرة الشهداء.
رحم الله اللواء/ عارف خطاب فقد عشت قائداً ومناضلاً وفارقتنا شهيداً على أرض غزة، افتقدناك يا أبا العبد، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته.
وهذا وقد أصدر الرئيس/ محمود عباس “أبو مازن” قراراً بمنح الشهيد اللواء/ عارف خطاب (أبو العبد) وسام نجمة الشرف العسكري، و ذلك تقديراً لدوره الوطني المتميز والتزامه بالشرعية، ومشاركته في الدفاع عن القرار الوطني المستقل، وتثميناً لجهوده في تدريب أجيال من الكوادر العسكرية الفلسطينية خلال جميع مراحل الثورة الفلسطينية.