بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد / أحمد خليل وافي في مدينة خانيونس عام 1935م ودرس في مدارسها المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، وبعد تخرجه من المدرسة عمل مدرساً عام 1953م في بني سهيلا، وأثناء عمله مدرساً حصل على دبلوم صحافة .
خلال العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة عام 1956م أعتقل من قبل القوات الاسرائيلية ونقل الى سجن عتليت وتم التحقيق معه بتهمة الانتماء الى المقاومة بعدها تم الإفراج عنه .
استشهد والده الحاج / خليل محمد علاء الدين عياد وافي أبان العدوان الثلاث عام 1956م.
في عام 1957م تم التعاقد مع أكثر من 600 مدرس من قطاع غزة للعمل في المملكة العربية السعودية وكان في ذلك الوقت الأخ / خليل الوزير يعمل في المكتب السعودي في القاهرة الذي يديره (ناصر المنقور) حيث كلف بالسفر معهم الى السعودية للإشراف على توزيع هؤلاء المدرسين الشباب حيث تم توزيعهم الى عدة امارات في المملكة، تم ارسال حوال 42 مدرسا الى منطقة نائية تسمى القنفذة تابعة لمنطقة عسير ، وكان من بين هؤلاء المدرسين الشباب كل من الإخوة/ أحمد وافي ، سعيد المزين ، غالب الوزير .
كان الأخ / خليل الوزير على رأس هذه المجموعة حيث كلف من قبل (ناصر المنقور) بالذهاب الى القنفذة ، هؤلاء الشباب المدرسين بدأت تربطهم علاقة مع الأخ / خليل الوزير الذي كان شعلة متقدة من الحماس ، كان وجوده في تلك المنطقة حافزاً وتمهيداً لبدء عمل وطني جديد معهم.
في السعودية وخلال الفترة البسيطة التي قضاها الأخ / خليل الوزير للتدريس من ( 9-1957 / 5-1958 ) حاول تألف نواة تنظيمية من كل من الاخوة / أحمد وافي، سعيد المزين، سعيد المسحال ، عبد الفتاح حمود ، حيث تدارسوا وضع تنظيم فلسطيني مقاوم ، الا أن مرض الاخ / خليل الوزير عام 1958م وتركه السعودية وانتقاله الى العمل في الكويت آخر ذلك قليلاً، في نهاية العام 1958م التقت مجموعة العربية السعودية بمجموعة الكويت وتمكنوا في ذلك الوقت من وضع ميثاق لحركة فتح المستقبلية كان / أحمد وافي له السبق في تأسيس الخلايا التنظيمية الاولى لحركة فتح بالسعودية
أبعد أحمد وافي من السعودية الى قطاع غزة بسبب نشاطه المستقبلي حيث عاد لعمله مدرساً في مدينة رفح وبقي فيها حتى عام 1963 م.
عمل في قطاع غزة كمسؤول لحركة فتح وعضواً في لجنة المغتربين في الاتحاد القومي عام 1963م.
في نفس العام 1963م غادر الى الجزائر ضمن مجموعة من المدرسين للعمل هناك ولحسن الحظ انه في ذلك التاريخ تم افتتاح مكتب لفلسطين بالجزائر برئاسة الأخ / خليل الوزير حيث عمل احمد وافي نائباً له في مكتب الجزائر.
شغل أحمد وافي أول معتمد لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في الجزائر وشمال افريقيا عام 1965 م.
عين ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر عام 1971 م وتم تعيينه عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح في المؤتمر الثالث للحركة الذي عقد في دمشق (حموريا) عام 1971م، وكذلك عضواُ في المجلس الوطني الفلسطيني حيث بقى فيه حتى توفاه الله .
في عام 1974 م عين احمد وافي ممثل شخصي للشهيد الرئيس / ياسر عرفات لدى جلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب .
تعرض الاخ/ أبو خليل وافي لمحاولة اغتيال بواسطة طرد ملغوم بتاريخ 25/10/1972 م خلال سلسلة اغتيالات قامت بها أجهزة الموساد الاسرائيلي لعدد كبير من ممثلين م.ت.ف وكوادرها في افريقيا وأوروبا وذلك بعد العملية الفدائية التي حدثت في مدينة ميونيخ الالمانية بتاريخ 5/9/1972م، ما أدي الى بتر في أصابعه وحدوث تشوهات في وجهه وفقدان للسمع بنسبة 60% والنظر بنسبة 40% وكان متواجداً معه في ذلك الوقت في مكتب الجزائر الأخ/ عبد الله الافرنجي أبو بشار الذي لم يصب بأي أذي، لم تشكل هذه الاعاقة التي تعرض لها أبو خليل عائقا عن العمل بل استمر وسخر حياته لخدمة وطنه وقضيته وشعبه.
بسبب هذه الإصابة مكث في المستشفى مدة طويلة حتى كتب الله له الشفاء والحياة.
أبو خليل وافي أثناء عمله في الجزائر أنجز اتفاقية بين مكتب حركة فتح ووزارة الخارجية الجزائرية لاستيعاب المدرسين والمهندسين والمحامين كذلك ومن خلال موقعه وعلاقاته المتينة بالقيادة الجزائرية فقد عمل على توفير آلاف المنح الدراسية للطلبة الفلسطينيين في جامعات الجزائر.
أشرف أبو خليل وافي على تأسيس اتحاد عام المحامين الفلسطينيين فرع الجزائر، مثل فلسطين في المؤتمر الأفرو- أسيوي عام 1964م وكذلك قام بالإشراف على تخريج دورات الضباط التابعين لحركة فتح بعد الإنطلاقة من أكاديمية شرشال العسكرية اعوام 68، 69، واشرف كذلك على تكوين أول مجموعة للالتحاق بكلية الطيران في الجزائر عام 1971م.
قام أبو خليل وافي بتأسيس جمعية مساندة الكفاح المسلح الفلسطيني في المغرب عام 1969م وكذلك ساهم في تأسيس اتحاد المرأة والمهندسين والمعلمين في الجزائر، وتم عقد مؤتمراتها في الجزائر، كذلك شارك في ملتقيات الفكر الإسلامي بالجزائر، واشرف على افتتاح صوت العاصفة في شمال افريقيا.
بتكليف من الأخ/ ابو عمار قام ابو خليل وافي بزيارة لكل من أثيوبيا، اسبانيا، البرازيل وغيرها من الدول العربية والأفريقية لحشد الدعم للقضية الفلسطينية بعد نكسة عام 1967م وقد كان لتلك الزيارات الصدى الإعلامي الكبير.
عندما كان معتمداً لحركة فتح في الجزائر كان مفوضاً لشمال أفريقيا وأوروبا حيث كان مرجعية لمعتمدي الحركة في تلك الدول في ذلك الوقت.
لقد نجح القائد أبو خليل وافي بفتح مجالات واسعة من العلاقات الفلسطينية العربية وخاصة في المغرب وشمال أفريقيا.
القائد أبو خليل وافي الأكثر شهرة حين نذكر مكتب حركة فتح في الجزائر والأكثر استقطاباً للأنصار في الجزائر خاصة والمغرب العربي بصفة عامة.
ابو خليل وافي القائد المؤسس الذي شغل المواقع القيادية والحساسة وجمع بين العمل المهني كمربي للأجيال، والإعلامي فهو حاصل على دبلوم صحافة، والدبلوماسي والسياسي البارع، والقدير والسفير المميز.
في الذكرى الأولى لرحيل القائد والرائد أبو خليل وافي نقول انه كان الجندي الفاعل بصمت، والمملوء بالمعلومات والأسرار والذكريات وصاحب العلاقات الواسعة والمتشعبة من الصداقات والتي لو جمعت وكتبت في مذكراته لإفادة الكثير من الاجيال القادمة وكذلك افادة الكثير في عملية المراجعة والقراءة والنقد، فهو واحد من القلائل الذين عايشوا الحدث الوطني في أضيق حلقاته ومكوناته منذ التفكير حيث كان من اوائل الرواد الذين التحقوا بحركة فتح في أواخر خمسينيات القرن الماضي هذه المعلومات والذكريات كان لها دلالات كثيرة وعمق في أفكاره وأهمية في استخلاصاتها.
سيرة الراحل الكبير القائد أبو خليل وافي سيرة عطرة حافلة وزاخرة بالكفاح ومليئة بالنضال والعمل الفلسطيني المستمر، لقد كان يملك القدرات القيادية في الإقناع وفي التوجيه، لقد حرص على أبناء وطنه كحرصه على أبنائه حيث كان يهتم بهم باستمرار.
لقد كان أبو خليل وافي من الأوفياء والمدافعين والأنقياء والأكثر انتماءً لشعبهم ووطنهم وقضيتهم، حيث كان أبناً باراً لهذا الشعب العظيم.
هؤلاء الرواد الأوائل والقادة المؤسسين هم من ساهموا في صنع تاريخ شعب فلسطين وحركته الثورية، لقد كان للراحل الكبير/ أبو خليل وافي باع طويل في توثيق العلاقة الحميمة بين حركة فتح وجبهة التحرير الجزائرية زمن الرؤساء الراحلين (احمد بن بيلا، وهواري بن مدين) رحمها الله.
في ثمانينيات القرن الماضي شغل أبو خليل وافي مسؤولاً لحركات التحرر في حركة فتح، وشغل كذلك مسؤول التأمين الصحي للحركة في بيروت عام 1981م.
بعد العودة إلى ارض الوطن عين مستشاراً للشهيد الرئيس/ ياسر عرفات.
توفي أبو خليل وافي مساء يوم الخميس الموافق 5/12/ 2013م في القاهرة وتم عمل اجراءات دخول إلى ارض الوطن يوم 8/12/ 2013م حيث دفن في مدينة خان يونس واقيم له بيت عزاء شاركت فيه قيادة حركة فتح وقيادات العمل الوطني والإسلامي في قطاع غزة حيث أقيم له مهرجان تأبين في مدينة خان يونس، هذا وقد ابرق السيد الرئيس/ محمود عباس إلى اسرة الفقيد معزياً بوفاته.
ندعوا الله ان يتغمد الراحل الكبير بواسع رحمته ويتقبله مع الانبياء والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقاً.
رحمك الله يا ابا خليل وافي واسكنك فسيح جنانه.