بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
أبو حميد التونسي ولد في مدينة حيفا بتاريخ 1/1/1940م من أب تونسي وأم فلسطينية، حيث هاجر والده إلى فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي للبحث عن عمل هناك، واستقر به المطاف في مدينة حيفا الفلسطينية، حيث ولد ابنه البكر رفيق، وبعد حدوث نكبة عام 1948م، هاجر رفيق مع عائلته إلى سوريا بحثاً عن الأمن والأمان بعد أن رأى بأم أعينه المجازر التي قامت بها العصابات الصهيونية في مدن فلسطين وهو في سن الثامنة من العمر، التجأت أسرته إلى سوريا وحل بهم المطاف في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين أسوة بآلاف الأسر التي شردت من ديارهم، التحق في المدرسة الابتدائية والإعدادية في المخيم، وكان في نفس الوقت يقوم بالعمل من أجل اسرته وذلك من أجل صعوبة وشظف الحياة التي كان يعيشها اللاجئون في مخيمات الشتات.
ومع انطلاقة حركة فتح في منتصف ستينيات القرن الماضي، كان أبو حميد التونسي من الرعيل الأول الذي يلتحق بالحركة وذلك بتاريخ 1/1/1965م حيث تدرب في معسكر الهامة وكان من أقدم الحراس الشخصيين للقائد الشهيد/ ياسر عرفات، حيث رافقه لفترة طويلة من الزمن، وكان أحد المقاتلين الأوائل في الجناح العسكري لحركة فتح وقواتها العاصفة.
كان أبو حميد التونسي من الرجال الذين يعتمد عليهم القائد الشهيد/ أبو علي اياد في العمليات الخاصة حيث ظل الرجل قريباً منه حتى استشهاده
يُعد أبو حميد التونسي من الرجال القلائل الذين كانوا ينقلون السلاح بمساعدة الجيش العراقي من سوريا إلى الأغوار والكرامة عام 1968، حيث قام كل الإخوة أبو حميد التونسي، ورشاد الكاسر، ومصباح عبد الحق، بنقل الأسلحة من معسكر الهامة إلى منطقة الحمراء، وبعدها يقوم الجيش العراقي بتوصيل تلك الأسلحة للقيادة في الأغوار والكرامة، كان ذلك بتكليف من الشهيد القائد/ أبو علي اياد رحمه الله.
تم اعتقال أبو حميد التونسي في منتصف عام 1970م من قبل المخابرات السورية،قبل أحداث أيلول، حيث وجد معه كمية من الأسلحة كان يقوم بنقلها من سوريا إلى لبنان وأودع في مقر المخابرات العامة، حيث رفض الإدلاء بأي معلومة عن تلك الأسلحة لضباط المخابرات السورية أثناء التحقيق معه، مما اضطره إلى القيام بتخييط شفتيه بالخيط والإبرة التي وجدت معه أثناء الاعتقال، ولم يتكلم الَّا بعد حضورالقائد الشهيد/ أبو علي اياد إلى مقر المخابرات السورية وتم الإفراج عنه، حيث أبلغهم أنه هو الذي كلف أبو حميد بنقل هذه الأسلحة من سوريا إلى لبنان.
في منتصف سبعينيات القرن الماضي عمل أبو حميد التونسي في مديرية اللوازم العامة التابعة لحركة فتح تحت قيادة الأخ/ أبو خالد حسني “أبو خالد الصين”.
عند حدوث الانشقاق عام 1983م في حركة فتح والذي قامت به فئة خارجة عن الشرعية، حيث كان أبو حميد عنيداً في مقارعتهم، وكان ضد ما قامت به هذه الحفنة من الانشقاق، وكان أبو حميد مدافعاً بكل ما أوتي من قوة ورباطة جأش بالدفاع عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل.
غادر أبو حميد التونسي سوريا إلى تونس مع أسرته حيث استقروا في العاصمة، وطالب بإعادة الجنسية التونسية له نسبة إلى والده التونسي الأصل، حيث حصل عليها حسب القانون.
المناضل/ أبو حميد التونسي طويل القامة، ضخم الجسم، صاحب نكتة مبتسم دائماً حيث كانت ابتسامته لا تفارقه حتى في أحلك الظروف والأزمات، أمضى أكثر من خمسون عاماً جندياً ملتزماً بحركة فتح، كان رجلاً مخلصاً للوطن والقضية، واكب مراحل نضال حركة فتح منذ البدايات وكان يطلق عليه وزملائه (بالعناصر القديمة).
توفي في تونس الخضراء بتاريخ 2/4/2015م، بعد مشوار طويل من النضال، حيث لم يكن بعيداً عن قضية فلسطين التي أعطاها جل عمره، فقد كانت قضيته الأولى والأخيرة، كان متفانياً في عمله وفي كل المهمات التي كلف بها من قِبل قيادته.
أبو حميد التونسي ذو سمعة طيبة لدى كل من عرفه من المقاتلين، لقد امتاز بالرجولة والإخلاص والأمانة والوفاء للشعب والوطن والقضية.
أحيل اللواء/ أبو حميد التونسي إلى التقاعد بتاريخ 1/10/2009م، وبوفاة المناضل الكبير أبو حميد التونسي تطوى صفحة من صفحات أحد رجال الرعيل الأول.
رحم الله اللواء/ أبو حميد التونسي واسكنه فسيح جناته
والهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.