بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
عبد القادر محمود ذياب من مواليد قرية المسمية عام 1929م، حيث ترعرع فيها وتلقى تعليمه في صغره في المدرسة الخاصة لصاحبها الشيخ/ سليم الرابي بالمسمية، درس فيها اللغة العربية والرياضيات والتربية الإسلامية وإجادة تلاوة القرآن الكريم، وبعد اختباره ألحق مباشرة بالصف الثالث الابتدائي والذي كان أعلى صف فيها، رفع في نهاية العام وبداية العام الدراسي الثاني إلى الصف الرابع الابتدائي في المدرسة، ثم واصل تعليمه في مدرسة المجدل الأميرية.
أثر نكبة عام 1948م التي حلت بالشعب الفلسطيني وطرده من أرضه هاجر أهل المسمية من قريتهم في اليوم الثاني من شهر رمضان عام 1367ه الموافق 9/7/1948م وهم صائمون على أمل العودة.
أنقسم أهل المسمية في هجرتهم إلى قسمين منهم من ذهب إلى الضفة الغربية ومنهم من هاجر إلى قطاع غزة، حيث استقر بهم المطاف فيها وتوزعوا على عدة مخيمات اللجوء والتشرد على أمل العودة بعدهجرت العائلات من قرية المسمية، قامت القوات الاسرائيلية بتدمير بيوت القرية ومعالمها وآبارها ومطاحنها وأسواقها وغيرها حيث لم يتبقى سوى بعض المعالم شاهدة على حياة أهل المسمية.
وقد أقامت اسرائيل بعد عام 1948م أربع مستعمرات على أراضي قرية المسمية بعد أن هاجر أهلها، وجلبوا لها يهوداً من كل أصقاع الأرض ليقيموا فيها، كذلك أقيمت عمل أرض القرية مزرعتان برعاية حكومية.
عمل عبد القادر ذياب بعد الهجرة مع جمعية (الكويكرز) موظفاً لتوزيع التموين على اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم، ومن ثم عمل في وكالة الغوث (الأونروا) حتى نهاية العام 1950م.
استقال عبد القادر ذياب من وكالة الغوث، والتحق بسلك الشرطة الفلسطينية بقطاع غزة، حيث خضع إلى دورة مستجدين للشرطة بمدرسة الشرطة التي أنشأت في غزة، وبعد انتهاء الدورة عمل في إدارة السجون.
خلال عمله في الشرطة الفلسطينية التحق للدراسة المسائية في مدرسة الإمام الشافعي والتي حصل منها على الشهادة الإعدادية، ومن ثم الثانوية العامة سنة 1956م، ولتطوير وضعه في سلك الشرطة ولزيادة معلوماته القانونية فقد حصل على شهادة الليسانس في القانون من جامعة القاهرة وذلك عام 1968م حيث كان متواجداً خلال حرب عام 1967م بالقاهرة، قبل حرب عام 1967م عمل نائباً لمدير سجن غزة المركزي.
بقي عبد القادر ذياب في مصر ولم يستطع العودة إلى غزة بسبب احتلالها من قبل الجيش الاسرائيلي والتحق بإدارة الحاكم العام لقطاع غزة، بالقاهرة والتي كانت تقدم خدمات لفلسطينيي قطاع غزة المقيمين داخل الأرض المحتلة وخارجها.
سافر في بداية سبعينيات القرن الماضي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للعمل في سلك التربية والتعليم، حيث عمل مدرساً لمدة سنة ثم رقي إلى وكيل المدرسة التي عمل فيها لمدة سنتين فمديراً لها.
اختاره المعلمون الفلسطينيون رئيساً لفرع اتحاد المعلمين الفلسطينيين في إمارة الفجيرة.
بعد توقيع اتفاق أوسلو وعودة قوات منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها إلى أرض الوطن عام 1994م، عاد مع ضباط إدارة الحاكم العام إلى القطاع حيث الحق بمديرية الشرطة برتبة عقيد حقوقي، وتولى منصب مدير عام مصلحة السجون الفلسطينية (مراكز الاصلاح والتأهيل المهني)، وكانت له وجهة نظر أن السجون هي (تأديب وتهذيب واصلاح) لكنه أضاف إليها نقطة رابعة وهي التأهيل وعليه تم تدريب السجين على المهنة التي يختارها ويرغب بها، حتى يخرج من السجن مواطناً صالحاً يحيا حياة كريمة في مجتمعه.
عمل بعدها مستشاراًلمدير عام الشرطة لمصلحة السجون ومفتشاً عاماً للسجون الفلسطينية في أراضي السلطة إلى أن أحيل للتقاعد.
أحيل العميد/ عبد القادر محمود ذياب إلى التقاعد بتاريخ 1/2/2005م.
انتقل العميد شرطة حقوقي/ عبد القادر محمود ذياب إلى رحمة الله الله تعالى ليلة الإثنين الموافق 25/7/2005م عن عمر ناهز السادسة والسبعون عاماً، ودفن في مدينة غزة بعد الصلاة عليه حيث وورى جثمانه الطاهرة الثرى.
العميد/ عبد القادر ذياب أضافة إلى اهتماماته الشرطية والقانونية، فقد كان مولعاً بالشعر حيث كتب العديد من القصائد الشعرية يرثي بها زملاءه الضباط الذين استشهدوا.
خلال عمله مدير عام السجون تتلمذ العديد من ضباط الشرطة على يديه لخبرته الطويلة في هذا المجال، حيث كان بحق مدرسة في مجال عمله.
رحم الله العميد/ عبد القادر محمود ذياب (أبو محمد) وأسكنه فسيح جناته،،