بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
سماحة الشيخ عبد الحميد السائح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني السابق، أحد رجالات الدين الفلسطينيين الكبار مناضلاً وطنياً كرس جل حياته من أجل نصرة الحق الفلسطيني، وحماية القدس الشريف من عبث المحتلين، واصل مسيرة النضال والكفاح وعني بإثارة اهتمام العرب والمسلمين بقضية القدس الشريف.
ولد الشيخ/ عبد الحميد عبد الحليم السائح في حارة القيسارية بمدينة نابلس عام 1907م، حيث درس في مدارسها وواصل دراسته في الأزهر الشريف وحصل على الشهادة العالمية وشهادة التخصص من مدرسة القضاء الشرعي، درس الفقه والعلوم الإسلامية في الأزهر الشريف ليستنير بها في أفكاره ويتمثلها في حياته ويلتزمها في عمله.
عمل سماحة الشيخ عبد الحميد السائح مدرساً للغة العربية بعد عودته في كلية النجاح الوطنية عام 1928م عين الشيخ السائح قاضياً شرعياً بالوكالة لمحكمة نابلس، ومن ثم عين قاضياً لمحكمة نابلس الشرعية وسكرتيراً للمجلس الإسلامي الأعلى وقاضياً شرعياً لمحكمة القدس الشرعية عام 1941م، اعتقل الشيخ السائح من قبل القوات البريطانية عام 1937م وأودع معتقل صرفند ومعتقل المزرعة قرب عكا عين في ورئاسة الاستئناف الشرعية في الأردن عام 1950م بعد وحدة الضفتين.
عين الشيخ السائح عضواً في مجلس الأوقاف والشئون الإسلامية الأردني وكذلك عضواُ في مجلس إعمار المسجد الأقصى المبارك.
بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967م عارض وبقوة هذا الاحتلال، واحتج على الاعتداء على حرمة المقدسات فقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده عن القدس، فتسلم سماحة الشيخ أول منصب وزاري في الأردن حيث عين وزيراً للشئون الدينية والأماكن المقدسة بتاريخ 26/11/1968 وحتى 27/6/1970، ثم عين قاضياً للقضاء ووزيراً للأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية مرة أخرى.
تولى سماحة الشيخ السائح عشرات المناصب منها: أستاذ اللغة العربية والدين في كلية النجاح الوطنية بنابلس، قاضي شرعي نابلس والقدس الشريف، عضو لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك، عضو لجنة صياغة القانون المدني في الأردن في نطاق مجلس الأمة، محاضراً في كلية الشريعة، الجامعة الأردنية، ووزيراً للأوقاف والمقدسات.
عمل الشيخ عبد الحميد السائح على عقد المؤتمر الكبير في عمان عام 1968م الذي نتج عنه إنشاء لجنة دائمة لإنقاذ القدس.
عمل على إبراز أهمية القدس بكتابين هما “مكانة القدس في الإسلام” “وماذا بعد إحراق المسجد الأقصى”.
تم اختيار الشيخ عبد الحميد السائح عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، سافر عدة مرات إلى أوروبا لحضور مؤتمرات خاصة بالقضية الفلسطينية وكذلك بعض المؤتمرات في الدول العربية كالقاهرة والعراق والمغرب وكان من أهمها المؤتمر الإسلامي المسيحي الذي عقد في القاهرة برعاية الجامعة العربية والذي طالب بتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة لعنصريتها وتحديها للأمم المتحدة، وفضح مواقفها واعتداءاتها المتكررة على المدينة المقدسة والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
سماحة الشيخ عبد الحميد السائح هو رجل فلسطين والقضية، ورجل القدس، وصاحب الفكر الثاقب والقلم النشط، والمواقف المبدئية التي لم يحد عنها، لقد كان سماحته علماً في كل حياته ودراسته ومواقفة وفي كل إنتاجه الفكري، كان سماحته يمثل النموذج الإسلامي النقي، بعمله وتواضعه، بأخلاقه وأدبه، باعتداله وحلمه بسعة صدره وحزم التزامه، حاسته الوطنية واضحة وصريحة بقدر ما هي عفوية وصحيحة.
انتخب سماحة الشيخ عبد الحميد عبدالحليم السائح رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في عمان في شهر نوفمبر عام 1984م خلفاً للسيد/ خالد الفاهوم رئيس المجلس السابق وذلك بعد الخلافات السياسية بين الفصائل الفلسطينية، حيث قاطعت تلك الفصائل المعارضة لقيادة الأخ/ ياسر عرفات هذا المجلس فانتخبت لجنة تنفيذية جديدة واستمر سماحته رئيساً للمجلس حتى اعتزاله العمل السياسي واستقالته من رئاسة المجلس عام 1996م بسبب كبر سنه ومرضه وبقي في عمان بعيداً عن الأضواء والحياة السياسية.
بعد انتخابه رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني بقي مستمراً مع صفوة من رجالات الأمة، في نطاق لجنة إنقاذ القدس ومكتب المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس في عمان وغيرها.
توفي سماحة الشيخ عبد الحميد السائح في عمان بتاريخ 11/1/2001م ودفن بناءً على طلبه ووصيته في القدس الشريف.
الشيخ عبد الحميد السائح حاصل على الأوسمة التالية:
– حامل لوسام النهضة من الدرجة الأولى من الأردن.
– وسام الكفاءة الفكرية من المغرب.
– في عام 2013م وحرصاً من السيد الرئيس/ محمود عباس (أبو مازن) فقد منح سماحته وسام نجمة الشرف من الدرجة العليا تقديراً لدوره الوطني في جميع مراحل الثورة الفلسطينية.
صدر لسماحته العديد من المؤلفات منها:
– ماذا بعد إحراق المسجد الأقصى 1970م.
– مكانة القدس في الإسلام 1969م.
– العدوان على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
– أثر الإسلام في الحضارة الغربية.
– الإسلام بين القديم والجديد.
– واجب المسلمين نحو الاحتلال الصهيوني.
– الحدود في الإسلام.
– الحقوق الدولية في القانون الدولي والشريعة الإسلامية.
– في السيرة النبوية.
– الفتاوى جزآن.
– فلسطين لا صلاة تحت الحراب (سيرة ذاتية)، 2001م.
تغمد الله سماحته بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والنبيين وحسن أولئك رفيقاً.