بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد عبد القادر جبر أبو الفحم في قرية برير عام1929م , وعندما حلت النكبة بالشعب الفلسطيني عام 1948م هاجر مع أسرته كمئات الألاف من الشعب الفلسطيني, الذين هجروا من ديارهم وأقام في مخيم جباليا بقطاع غزة .
إلتحق/ عبد القادر ابو الفحم بالقوات المصرية عام 1953م , وحصل على عدة دورات عسكرية حيث تم ترقيته الى رتبة عريف ومن ثم الي رتبة الرقيب , وحصل بعدها على دورة رقباء أوائل عام 1960 في مصر وكان الأول علي دورته, فرفع الي رتبة الرقيب أول , وكان مثالاً يحتذي به وحاز علي إحترام وثقة كل من عرفه من ضباط مصريين وفلسطينيين , وعندما بدأ تشكيل الوحدات الفلسطينية عين مسؤولاً عن مركز تدريب خانيونس , وإشترك في حرب عام 1956م , وكذلك حرب 1967م , حيث كان ضمن كتيبة الصاعقة التي قاتلت بشراسة ويعرفها العدو بذاته.
كانت حياة عبد القادرابوالفحم شطرين اثنين أولهما تمهيداً لثانيهما , فذلك الشاب الذي إمتهن الجندية منذ أوائل الخمسينيات فإختار لحياته طريقها بما فيها من الفروسية والشظف والشرف , فأبدع في إكتسابها وتعليمها , وكان من ألمع فتيانها وأقوي وأنبه ضباط صفها , وضع نفسة في أواخر الستينيات حيث أراد له الله ودعاه نداء الوطن قائداً ميدانياَ حينما إنهارت الأنظمة العربيه في حرب حزيران عام 1967م .
لقد وقف عبد القادر ابوالفحم وسط أنقاض معركة حزيران والدخان لم ينقشع عن الخنادق وجثث الشهداء الأعزاء لم تكن تستقر في مدافنها , والسلاح ما زال متناثراً هنا وهناك , فإذا به لايرى من ذلك كله الا معركة جديدة يجب أن تنشب , وجولة جديدة يجب أن تستهل , وأيدي جديدة يجب أن تحمل السلاح .
بعد الهزيمة مباشرة كان عبد القادر أبو الفحم من المؤسسين لفصيل قوات التحرير الشعبية وشارك في تدريب المناضلين عسكرياً كما شارك في عمليات عسكرية عديدة ومميزة , حيث بدأ إنخراط الشباب في حركة المقاومة في الوطن المحتل حافزاً شديداً للنشأ الجديد للإسراع للإلتحاق بالمقاومة , حيث كانوا الدعامة الرئيسية لها في قطاع غزة , دون تمييز أو تحييز كل على حد سواء .
ونظراً لكفاءته العسكرية التي كان يضرب فيها المثل كان هؤلاء الشباب هم السباقون للتدرب علي يديه لحمل السلاح والقيام بعمليات فدائية في قطاع غزة .
عند مشاركته في أحد العمليات الفدائية عام 1969م جرح جرحاً بليغاً حيث أصيب في جسده بعدة رصاصات وبقي يعاني من هذه الجروح حتي يوم إستشهاده , فإعتقلته القوات الإسرائيلية , وحكمت عليه بالسجن المؤبد عدة مرات .
كان عبد القادر أبو الفحم داخل السجن نموذجاً رائعاً في العطاء والصمود والأخلاق الحميدة , ويمتلك علاقات واسعة أهلته لأن يكون شخصية محورية ومؤثرة في تنظيم صفوف الأسرى وقيادة نضالاتهم ضد إدارة السجون .
شارك الأسير / عبد القادر أبو الفحم في الإضراب الأول للحركة الأسيرة في سجن عسقلان في الخامس من أيار 1970م , مع زملائه المضربين عن الطعام رغم وضعه الصحي السيئ إلا أنه أصر علي المشاركة , وفي مساء يوم العاشر من أيار عام 1970م أي بعد خمسة أيام من الإضراب تفاقم وضعه الصحي سوءاً فتم تحويله الي عيادة السجن للعلاج , لكن السجانون لم يقدموا له العلاج اللازم وأُعيد الي السجن , وفي اليوم التالي 11/5/1970م كان علي موعد مع الشهادة .
لقد كان الشهيد البطل عبد القادر أبو الفحم رمزاً من رموز الحركة الأسيرة , وبطلاً مقداماً من أبطال ثورتنا الفلسطينية المعاصرة .
لقد رعى البطل عبد القادر ابو الفحم العلاقات الأخوية التي كانت تسود بين المقاتلين من كافة التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة بنور عينيه , وكان الناس علي اختلاف طبقاتهم طلاباً ومزارعين , تجاراً وعمالاً ومعلمين كتلة واحدة متراصة , ضمنت لهم إيواء المناضلين والمحافظة علي التنظيم ومدافعين عنه.
لقد جسد الشهيد البطل / عبد القادر أبو الفحم فضائل الشعب كأنقي ما تكون وأقوي ما تكون حيث كان الفدائيون في قطاع غزة يحكمون القطاع في الليل , وقوات الاحتلال تحكمها في النهار .
البطل / عبد القادر ابو الفحم نجم من نجوم بلادي , سقط شهيداً في المعتقلات الإسرائيلية حيث كان شعلة من النضال والكفاح والصمود.
رحم الله الشهيد الأسير البطل / عبد القادر جبر أحمد أبو الفحم وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أُولئك رفيقاً.