بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
فؤاد أسعد الشمالي المولود في كسروان، شمال لبنان عام 1936م، هو من الطائفة المارونية اللبنانية، أتم دراسته الثانوية في الجامعة الوطنية في عالية، وأجيز في الحقوق من الجامعة البسوعية في بيروت.
انتمى فؤاد الشمالي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1951م، ووصل إلى مرتبة عضو المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان. ومنذ انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965م، والتي شكلت مصدر الهام لقيادات ذلك الحزب، انضم فؤاد الشمالي إلى حركة فتح في نفس العام وبدأ يناضل في صفوفها.
كان فؤاد الشمالي من أبرز القادة الذين ساهموا في تعريف الرأي العام العالمي على الثورة الفلسطينية، فأنشأ عدة مراكز إعلامية لحركة فتح في العديد من العواصم الأوروبية، وأقام علاقات واسعة وحميمة مع القوى التقدمية في أوروبا.
إلى جانب عمله هذا فإن إيمانه بالعنف الثوري جعله في طليعة الذين ساهموا في العديد من عمليات الثورة العسكرية تخطيطاً وإعداداً وتنفيذاً، مما دفع العديد من دول أوروبا الغربية إلى ادراج اسمه على القائمة السوداء.
فؤاد أسعد الشمالي قائد آمن بالعمل الصامت فكان وراء أكبر عمليات الثورة حيث كان يعرف بالمناضل الصامت الصلب والمثابر والقادر على القيام بأقسى المهام وأشدها خطراً، وقد حقق نجاحاً كاملاً في كافة المهام التي خطط لها ونفذها.
مثل فؤاد الشمالي حركة فتح في عدد كبير من المؤتمرات الدولية، فكان دوماً القادر على إبراز وجه الثورة الحقيقي وتحقيق المزيد من المكاسب لها.
لقد كان فؤاد أسعد الشمالي عقلاً ديناميكياً مولدا، ونفساً وثابه شجاعة وأخلاقاً ثورية رائدة، وجندياً جريئاً منضبطاً.
وكانت له الثورة شهادة تاريخية حيث ثبت للعالم أن شعبنا يختزن قدرات، ومواهب، وقيماً، وفضائل لا تقوى عليها قوى كثيرة في العالم كله.
لقد ارتفع المناضل / فؤاد الشمالي إلى مستوى قيادي عال في الثورة الفلسطينية بعمله ووعيه وأخلاقه، وقدراته، وهذه كلها تؤلف معيار الثورية الحقيقية وتميزها.
لقد أدرك المناضل / فؤاد أسعد الشمالي أن الساحة الفلسطينية هي ساحة أمتنا كلها في زمانها الحاضر، وأدرك أن الساحة الفلسطينية ليست فقط ساحة من الأرض المقدسة أسمها فلسطين، بل هي ساحة النضال القومي لشعب قرر أن يقاتل في كل مكان بكل وسيلة، لتثبت وجوده، وانتزاع حقوقه، وتحقيق سيادته على أرضه، وبناء حياته.
ولقد كان وجوده بيننا مناضلاً وقائداً تعبيراً عن هذا الإدراك الثوري الراقي الذي ترتفع به الوجدان والوعي والفكر السياسي والعمل الثوري الصادق إلى مستوى يتصاعد فيه نضال شعبنا.
لقد كانت الساحة الفلسطينية له موقع نضال قومي يشمل امتداد جغرافية العالم بأسره.
كان فؤاد أسعد الشمالي مؤمنا أن الساحة الفلسطينية هي موقع نضال ضد إسرائيل، موقع نضال ضد الاستعمار بكل أشكاله، ومفاعيله، ووسائله الاقتصادية، والعسكرية، والثقافية، كانت موقع نضال عالمي رائد تجد فيه الشعوب المناضلة من أجل حريتها وسيادتها، قلعة ثورية عالمية ضد القوة الإمبريالية ومخططاتها.
وكان المناضل/ فؤاد الشمالي يؤمن أن الثورة بطبيعتها زمان عاصف، وإن على الثوار أن يدركوا طبيعة الثورة، وإن هذا يعني بالدرجة الأولى تحديد أبعاد الثورة وتعيين أهدافها ثم اختصار المسافات بالعنف الثوري.
كان البطل/ فؤاد الشمالي يؤمن بالعنف الثوري أرقى تعبير عن الحق والقوة والجدارة.
كان المناضل/ فؤاد أسعد الشمالي تربطه علاقة وثيقة (بأيلول الأسود)، حيث كان لفقدانه خسارة كبيرة لها.
المناضل/ فؤاد أسعد الشمالي كان مصاباً بالسرطان، وكان مهدداً بالموت في كل لحظة، إلا أن إرادته الحديدية مكنته من قهر المرض بالعمل المتواصل، والاستمرار في النضال حتى غلبه المرض، وأطفأ شعلة العطاء والإبداع في قلب فؤاد الشمالي.
توفي المناضل/ فؤاد الشمالي في جنيف (سويسرا) بتاريخ 4/8/1972م لتفقد الثورة الفلسطينية بغيابه قائداً فذاً، ومناضلاً صامتاً صلباً، مؤكده في استشهاده، كما أكد في حياته مقدرة أمتنا العربية على رفد الثورة الفلسطينية بخيرة أبنائها وأكثرهم قدرة على الوفاء لأمال أمتنا العربية، وقد نُقل جثمانه إلى لبنان حيث دُفن في مسقط رأسه.
الشهيد/ فؤاد أسعد الشمالي متزوج من السيد/ إليسار أنطون سعادة هذا وقد نعت حركة فتح الشهيد ابن لبنان البطل فؤاد أسعد الشمالي/ حيث قالت في بيان النعي:
باعتزاز كبير وألم عميق تعلن حركة فتح عن سقوط أحد قادتها المناضل البطل/ فؤاد أسعد الشمالي شهيداً من شهداء الثورة الفلسطينية، لقد سقط في صميم المعترك، رافضاً، ثائراً، متمرداً، لقد كان شهادة حية للثورة، نموذجاً للمناضل الواعي، المؤمن الذي يمارسه وعيه وإيمانه في مواقع النضال تخطيطاً وتنظيماً وتنفيذاً.
والآن مات فؤاد الشمالي، سقط جسده في قلب المعترك، لقد مات هو لتحيا الثورة، مات لتحيا أمته، والموت في سبيل الحياة أزكى شهادة.