بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد/ جواد ذيب صالح محمد صالح (جواد أبو الشعر) في بيت محسير قضاء القدس بتاريخ 12/8/1944م حيث هاجرت أسرته بعد نكبة عام 1948م إلى مخيم قلندية ثم انتقلت إلى الكرامة ومن ثم إلى عمان، درس الابتدائية في مدارس جبل الجوفة في عمان وحصل على الثانوية العامة عام 1964.
في مدينة الزرقاء بالأردن، بعدها سافر إلى أسبانيا لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة مدريد حيث انتخب رئيساً لاتحاد طلبة فلسطين في أسبانيا، انضم إلى الطلائع الطلابية والتقى بالشهيد القائد/ أبو جهاد في الجزائر، وفي عام 1967م.
تفرغ في حركة فتح ليصبح مقاتلاً في صفوف قوات العاصفة فالتحق بدورة عسكرية في الجزائر في شهر أغسطس عام 1967م بعد انتهاء الدورة كلف بالنزول إلى الضفة الغربية في منطقة طولكرم وغادر الضفة بعد معركة الكرامة وتولى قيادة وحدة عسكرية في العرقوب نهاية العام 1968م.
حيث كانت نواة لإنشاء القطاع الأوسط في جنوب لبنان في مناطق بنت جبيل ومارون الراس وياطر والبرج الشمالي حيث كان التواجد الفدائي الفلسطيني في جنوب لبنان ولم يزداد هذا التواجد الفدائي المسلح وانتشار القواعد العسكرية الفدائية إلا بعد اتفاقية القاهرة في الثالث من تشرين ثاني من عام 1969م والتي وقعت في مصر بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الأخ/ أبو عمار والعماد أميل البستاني بحضور وزير الخارجية المصري محمود رياض والفريق أول محمد فوزي وزير الحربية المصري، بحيث تضمنت هذه الاتفاقية السماح بالعمل الفدائي عن طريق تسهيل المرور للفدائيين والاستطلاع في المناطق الحدودية، وتأمين الطريق إلى العرقوب فيما سمي بعد ذلك بمنطقة (فتح لاند)، حيث فتحت هذه الاتفاقية باب التواجد العسكري الفلسطيني على مصراعيه انتشرت مئات القواعد العسكرية داخل القرى اللبنانية وخارجها.
التحق جواد أبو الشعر بدورة عسكرية في كوبا وكان قائداً لتلك الدورة.
عندما تم تشكيل القطاع الأوسط كان من أهم القيادات الميدانية التي شاركت مع جواد الشهيد/ بلال والشهيد/ نور رحمهما الله.
ومع بداية الحرب الأهلية اللبنانية واشتدادها عام 1975م وعندما بدأت المؤامرة على المخيمات الفلسطينية في لبنان ارتأت قيادة فتح أن تنتقل جواد أبو الشعر إلى بيروت ليتولى قيادة قوات المليشيا في الساحة اللبنانية وعين عضواً في لجنة إقليم لبنان.
استشهد جواد أبو الشعر بتاريخ 6/6/1976م عندما نزل من جبل صنين حيث كان يتفقد السرية الطلابية هناك وعند عودته إلى بيروت التي كانت المدينة تتعرض لقصف سوري ووابل من المدافع على بيروت الغربية وذلك أثناء محاولته الانتقال وسط الأبنية للوصول إلى قواته حيث سقط أحد الصواريخ السورية مما أدى إلى استشهاده.
لقد تميز الشهيد/ جواد أبو شعر بأسلوبه الرزين، وهو أحد الداعمين الأساسيين للسرية الطلابية والتي تحولت فيما بعد إلى كتيبة الجرمق التي كان الشهيد جواد أبو شعر يلتقي قيادة السرية الطلابية بشكل شبه يومي حتى تاريخ استشهاده.
جواد أبو الشعر ذلك القائد الفتحاوي الذي يمتلك ملامح شرعية عربية لا تخطئها العين، لقد تميز جواد بنقائه الثوري، وقدرته على التعامل مع تنوع عناصر قوات المليشيا في لبنان من فلسطنيين ولبنانيين.
كان جواد أبو الشعر رجل عصامي ويمتلك رؤية إلى الأمام، كان قادراً على إقناع الجميع بأسلوبه وكان الجميع متفق معه، جواد أبو الشعر ذلك الفارس الكبير والمناضل الإنساني، جواد كان مدرسة كبيرة بحد ذاته، لقد كان رجل محنك، تعدى حدود القيادة ليكون أخاً وزميلاً وصديقاً لكل أبناء الثورة الفلسطينية، فقد عرف عنه نزاهة النفس وصدق القيادة، أحب فلسطين، كما لم يحبها أحد أكثر منه.
كان جواد أبو الشعر نموذجاً قيادياً مميزاً، كان وحدوياً زمن الأنشطارات لذلك كان الأقرب والأكثر تواصلاً مع الآخرين.
عرف عنه دماثة الخلق والنزاهة والمسئولية، والحرص على المصالح العليا للشعب الفلسطيني والدفاع عن الحقوق الثابتة على المبادئ.
كان جواد أبو الشعر يحظى باحترام كبير في صفوف حركة فتح، حيث كان مثال الشرف والعفة والانضباط والالتزام.
الوفاء لك يا شهيدنا جواد وللمبادئ التي قاتلت من أجلها ومزيداً من التمسك بالحق ومزيداً من الإصرار.
إن ما خلفته من إرث نضالي سوف يضئ الطريق للأجيال القادمة على طريق الحرية والاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
سيبقى زيت ذكراك العطرة يسيل في كل عام ويضئ الطريق إلى القدس عاصمتنا الأبدية.
رحمك الله يا شهيدنا البطل جواد أبو الشعر وأسكنك فسيح جناته.