بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد نعيم سليم خضر دعيبس في قرية الزبابدة قضاء جنين بتاريخ 30/12/1939م منحدراً من أسرة مناضلة , كان ترتيبه في العائلة السادس بين سبعة أولاد , وكان عمره تسع سنوات عندما توفى والده , درس في مدرسة اللاتين في القرية حيث شجعه كاهن الرعية على متابعة دروسه فالتحق في المعهد الأكليركي في بيت جالا حيث درس الفرنسية والإيطالية بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية , وتابع دروسه الفلسفية واللاهوتية لمدة خمس سنوات ما بين 1963-1958م حيث كان طالباً لامعاً وفي السنة السادسة والأخيرة ترك نعيم خضر الدير لأنه لم يشعر بالدعوة إلى الكهنوت ولأن رسالة أخرى كانت تنتظره .
التحق نعيم سليم خضر دعيبس بجامعة لوفان في بلجيكا ونال منها شهادة الدكتوراه في القانون الدولي .
انضم نعيم سليم خضر دعيبس إلى حركة فتح عام 1967م وأبدى نشاطاً في الأوساط الطلابية فاختير رئيسا لاتحاد طلبة فلسطين في بلجيكا , كما سمي سنة 1969م ممثلاً لحركة فتح هناك , وفي عام 1975م عين ممثلاً رسمياً ل ( م.ت.ف ) في بلجيكا وعمل ممثلا لها لدى السوق الأوروبية المشتركة والبرلمان الأوروبي ومجلس الحوار العربي _الأوروبي .
شارك الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس في كثير من المؤتمرات العربية والدولية منها مؤتمرات الاتحاد البرلماني الدولي ومجالسة منذ عام 1975م واجتماعات الحوار البرلماني العربي الأوروبي , كما شارك في تنظيم ندوات حول أوضاع العرب في الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م خلال شهر يناير عام 1981م وألقى فيها بحثاً هاماً عن الأوضاع الاقتصادية المتردية في الأراضي الفلسطينية المحتلة , وأقام كذلك علاقات وثيقة مع عدد كبير من رجال الفكر والسياسة والنواب في معظم دول أوروبا الغربية وقد وضع عدادً كبيراً من الدراسات وله بعض المؤلفات عن القضية الفلسطينية منها : كتاب عن الدولة الفلسطينية المقترحة , شارك بفعالية في العديد من المؤتمرات العربية والدولية , له عدد من الأبحاث السياسية والاقتصادية .
كان الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس عضواً بارزاً في لجنة الشؤون الخارجية للمجلس الوطني الفلسطيني وعضواً في اتحاد المحامين الديمقراطيين في بلجيكا وعضواً في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين .
أن المهام التي أوكلتها منظمة التحرير الفلسطينية للدكتور نعيم خضر حملته للمشاركة في الكثير من جلسات مجلس الأمن الدولي والعديد من المحاضرات الدولية التي كانت تنظمها هيئة الأمم المتحدة وكان من عادته أن يعود مع وفد فلسطين وقد حقق نجاحات مهمة للمنظمة كالاعتراف الرسمي بمنظمة التحرير كعضو مستقل ضمن المجموعة الآسيوية وفي مجموعة الـ 77( مجموعة دول عدم الانحياز ) .
وفي نفس الوقت لعب الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس دوراً بارزاً في تقدم الحوار الأوروبي العربي من خلال عمله ونشاطه في بروكسل , حيث نجح في إقامة علاقات مع اللجنة التي تقود مجموعة الدول الأوروبية وخاصة مع كلود شيسون وجاستون ثورن , فكان يلتقي بهم وبالعديد من الشخصيات الأوروبية في لوكسمبورغ وستراسبورغ وفي البرلمان الأوروبي .
وإذا كانت الدول الأوروبية التسعة التي اجتمعت في مؤتمر البندقية في حزيران عام 1980م قد اعترفت بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير الفلسطينية فإن الفضل يعود في الأساس إلى العمل المتواصل الذي كان يقوم به الدكتور نعيم خضر في المحادثات المتبادلة مما كان له الأثر الأهم في التحول في العلاقات بين أوروبا والعالم العربي .
لم يكن الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس صاحب نظريات بيد أنه كان رجل فكر محام عن قضيته , فهو مناضل , مثقف , لم يكتف بالترافع في دعواها بل بحث أيضاً القضايا والأبعاد الإنسانية المرتبطة بها , فنال احترام وثقة الرأي العام الأوروبي واستطاع أن يؤثر فيه , فكان رجلا شعبياً يعبر عن نفسه أمام الشعوب والقيادات الأوروبية محاوراً ومدافعاً عن عدالة قضية فلسطين , كان فكره وخطابه بعيدا عن الجمود والانغلاق .
كان الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس مناضلاً في صفوف حركة فتح , كرس حياته وقناعته وإرادته وفكره وعمله من اجل قضية فلسطين, شقيقة الدكتور بشارة خضر المحاضر في جامعة لوفان, له العديد من الكتب والأبحاث المتخصصة بالشؤون الأوروبية والعلاقات العربية والفلسطينية الأوروبية .
– نعيم سليم خضر يحمل شهادة دكتوراة في القانون الدولي وإجازة في الفلسفة.
– كان عضواً في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني .
تم اغتيال الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس من صباح يوم الاثنين بتاريخ 1/6/1981م في شارع روزفلت في العاصمة البلجيكية بروكسل بينما كان يهم بدخول مقر ( م.ت.ف) وقد اعترفت إسرائيل باغتياله , حيث نفذت عملية الاغتيال وحدة (كيدون) التابعة للموساد الإسرائيلي بعد أن صوب القاتل المجرم خمس رصاصات أردت الشهيد نعيم خضر أمام مكتب م.ت.ف وذلك في الحي الذي يقطنه السفراء والذي يخضع الاجراءات أمن مشددة. نقل جثمان الشهيد الدكتور نعيم خضر إلى بيروت حيث كان في استقباله في مطار بيروت الرئيس / ياسر عرفات وأقيم له مهرجان تأبيني ومن ثم نقل إلى عمان حيث دفن فيها ، وذلك لعدم موافقة السلطات الإسرائيلية على دفنه في مسقط رأسه في قرية الزبابدة بالضفة الغربية بناءً على وصيته .
قال عنه الرئيس الراحل /ياسر عرفات
من الممكن قراءة قضية الشعب الفلسطيني في حياة الدكتور نعيم سليم خضر دعيبس ويمكن للباحثين أن يعكفوا على دراسة القضية الفلسطينية , وتحليل ثقافة وعادات شعبنا الفلسطيني من خلال دراسة حياته وبصماته التي لا تمحى .. فأثاره ملك الشعب الذي ولده وللأمة التي أنجبته .
هذا وقد تقبل الأخ أبو عمار تعازي رؤساء ووزراء لبنانيون وزعماء م.ت.ف وحركة فتح والحركة الوطنية اللبنانية وعدد كبير من برقيات التعزية من الدول الصديقة .
وقد نعت اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف واللجنة المركزية لحركة فتح في بيانه قالت فيه:
لقد كان الشهيد البطل الدكتور نعيم خضر من أبرز الكوادر المناضلة في أوروبا وكان نضاله المديد الفعال سيظل موضع اعتزاز وتقدير لدى شعبه ورفاقه الذين عرفوه مناضلاً ملتزماً بقضية شعبه ووطنه .
إن اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية إذ تنعيان لجماهيرنا الفلسطينية والعربية هذا المناضل البارز لتعاهدانه ورفاقه وأسرته على الاستمرار في طريق النضال والثورة التي قضى في سبيلها الشهيد وتؤكد بأن دمه لن يذهب هدراً وإن المجرمين لن يفلتوا من القصاص وإن الأيدي الآثمة التي قامت بهذا العمل الجبان ستلقى ما تستحقه من عقاب الثورة والثوار .
هذا وإثر حادث الاغتيال استنكر عدد كبير من رؤساء البلديات في داخل الأرض المحتلة جريمة الاغتيال .
غاب عنا الدكتور نعيم سليم خضر شهيداً نحزن لأجله ومناضلاً كرس سيرته الثورية سلوكاً للمناضلين .. كان الدكتور نعيم خضر مفكراً سياسياً ومحاوراً بارعاً .
سلاماً عليك يا د. نعيم سليم خضر دعيبس ورحمة عليك من الله تعالى ..