بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
يوسف محمد إسماعيل عودة من مواليد خربة سلامة في دورا ، الخليل عام 1947م ، أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية ومن ثم حصل على الثانوية العامة من مدرسة دورا الثانوية للبنين ، التحق بحركة فتح في الأردن بعد عام 1967م حيث خدم في عدة قواعد عسكرية في الأردن ومن ثم انتقل للعمل في قطاع الجولان عام 1969م ، ذهب محمد علي ” أبو يعقوب ” في دورة عسكرية إلى الجزائر ومن ثم عين قائد وحدة عسكرية في قطاع الجولان .
عمل أبو يعقوب قائداً لسرية في كتيبة نسور العرقوب عام 1975م في ذلك العام كان محمد علي ( أبو يعقوب ) شاب في حوالي السابعة والعشرين من عمره ، بشرته حمراء من كثرة تعرضه للشمس كأنه هندي أحمر متوسط القامة ، لكنه رياضي الهيئة وشديد الوسامة ، كانت تتواجد السرية التابعة لكتيبة نسور العرقوب في منطقة اليابسة على سفوح جبل الشيخ ، هذه المنطقة باردة في الشتاء وحارة في الصيف ، حيث تتحول هذه المنطقة في الصيف إلى وطن للعقارب والأفاعي ومئات الألوف من الحشرات الطائرة .
في بداية تدخل قوات النظام السوري إلى لبنان أوائل حزيران عام 1976م وعندما انطلقت المدرعات السورية من الحدود مروراً بسهل البقاع باتجاه مصيف بحمدون على طريق بيروت الدولي ووصولاً إلى ساحة بحمدون خرجت لها مجموعات مقاتلة فلسطينية ولبنانية بقيادة الرائد / محمــد علــــــي ( أبو يعقوب ) والذي عين في ذلك الوقت قائداً لكتيبة مقاتلة من الفلسطينيين واللبنانيين في بحمدون وذلك للتصدي لهذه القوات ، حيث بدأ القتال الصعب ، حينها تقدم أبو يعقوب أمام مقاتليه وهم يحملون مدافع الأربي جي ، والمدافع المحمولة على الأكتاف المضادة للدبابات ، حيث تمكنت هذه المجموعة بقيادة ( أبو يعقوب ) من إيقاف تقدم هذه القوات وانسحابها من مدينة بحمدون إلى مناطق رويسات صوفر المشرفة على المدينة بعد تلك المواجهة الدامية .
قادة الرائد / محمد علي ( أبو يعقوب ) واحدة من أجرأ المجموعات العسكرية في قوات فتح وجناحها العسكري قوات العاصفة وهي ( كتيبة الجليل ) الذي عين قائداً لها ، وكقائد ميداني فقد أبى أن يبقى في الخطوط الخلفية ، فهو ثالث قائد يسقط في القتال لهذه الكتيبة المقاتلة ، فقبله سقط الشهيد الحاج حسن ( عبد الإله دراغمة ) ذو القدرات الفذة والثاني الشهيد / جودت المصري ( أبو الوفا ) الذي اختفت أثاره مع الأخوة / نعيم الوشاحي ود. أبو عمر حنا وآخرين في البحر إبان الاجتياح السوري للبنان وتحركهم من صيدا عبر البحر للوصول إلى طرابلس .
بداية مطلع عام 1977م ازدادت سخونة منطقة الخيام والحدود الإسرائيلية القريبة من القليعة ، حيث صدرت تعليمات لتحريك الكتيبة إلى هناك ، فقد دارت معارك واشتباكات عديدة وتبودلت السيطرة على تلال إستراتيجية قرب الخيام بمشاركة إسرائيلية أكبر حجماً ، حيث وصل القصف الفلسطيني المدفعي إلى داخل مناطق الأرض المحتلة في شمال فلسطين ، بينما قامت القوات الإسرائيلية بقصف المناطق الجنوبية بلا هوادة .
في تلك المعارك الطاحنة مع القوات الإسرائيلية وقوات العميل سعد حداد قرب القليعة ومرجعيون وتحديداً في منطقة إبل السيقي أصيب الرائد / محمد علي (أبو يعقوب ) إصابات قاتلة سقط أثناء قيادته للقوات في ذلك القطاع مدرجاً بدمائه ، حيث تمتم الشهادة وهو يعلم أنه في دقائقه الأخيرة ، حيث استمرت هذه المعركة لمدة يومين متواصلين .
خاض محمد علي معارك عديدة ضد القوات الإسرائيلية في غور الأردن في نهاية الستينات وحتى لحظة استشهاده عام 1977م .
استشهد الرائد / يوسف محمد إسماعيل عودة ( محمد علي أبو يعقوب ) بتاريخ 19/2/1977م في جنوب لبنان وتم نقل جثمانه الطاهر إلى بيروت حيث شارك في جنازته الآلاف من الشعب الفلسطيني واللبناني والقيادة الفلسطينية وأقارب الشهيد وزوجته .
بعد شهور قليلة على استشهاده أنجبت زوجته الأخت / سميرة جربوع ابناً لن يراه والــــــــده فأسمتــــــه ( محمد علي ) تيمناً باسم والده الحركي هكذا تكبر المأساة الفلسطينية عبر الأجيال المتعاقبة .
الشهيد / محمد علي ( أبو يعقوب ) الإنسان كان يتميز برقة كبيرة ، كان يتحدث عن الفكر بروح وطنية حيث أن في طرحه تجد تلك الواقعية الإنسانية التي تفتقر إليها جهات أخرى .
كان الشهيد / محمد علي مناضلاً مقداماً ، استشهد أثناء تصديه للقوات الغازية والعميلة بجنوب لبنان دفاعاً عن المقاومة ، عاش بطلاً واستشهد بطلاً ، لقد كان مثال الشجاعة والتضحية .
محمد علي كان من خيرة المناضلين الفتحاويين الأوفياء لوطنهم وقضيتهم .
لقد ودع الشهيد / محمد علي بما يليق بالأبطال الشهداء ، تاركاً خلفه إرثاً جميلاً طيباً .
رحم الله الشهداء الذين خطوا الطريق وفرشوها بدمائهم الذكية الطاهرة .
رحمك الله يا أبا يعقوب وأسكنك فسيح جنانه