بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني (أبو الطيب) أحد مفكري الأمة في القرن العشرين، وأحد رموز العمل الوطني الفلسطيني، وأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، واحد رموز اللسان العربي المبين والفصحى في زمانه.
ولد / أحمد صدقي الدجاني في مدينة يافا على ساحل البحر الأبيض المتوسط بتاريخ 7/5/1936م، هاجر مع أسرته مدينة يافا عام 1948م أثر النكبة إذا كان يبلغ من العمر الثانية عشرة عندما حلت النكبة بالشعب الفلسطيني وقد استقر مع والديه في مدينة اللاذقية، بدأ الحديث باللغة العربية الفصحى وهو في سن الرابعة عشر من عمره، تنتسب عائلة الدجاني إلى مدينة القدس حيث اشتهرت عائلة الدجاني باشتغال عدد كبير من أبنائها بالعمل العام بالافتاء والعلم الشرعي، كما اشتغل بعض أبنائها بالتجارة.
التحق أحمد صدقي الدجاني بجامعة دمشق حيث حصل على الإجازة في التاريخ عام 1959م، ثم انتقل إلى ليبيا ليعمل في الإعلام والإذاعة الليبية بالإضافة إلى نشاطه في العمل الفكري، حصل على الماجستير في ليبيا حيث كان عنوان رسالة الماجستير التي كتبها عن الحركة السنوسية نموها وانتشارها في القرن التاسع عشر، وتُعد دراسته هذه إحدى المراجع الأساسية عن الدعوة السنوسية، حصل أحمد الدجاني على درجة الدكتوراه في الآداب من قسم التاريخ من جامعة القاهرة بمصر عام 1969م وكان عنوان أطروحته ليبيا قبيل الاحتلال الإيطالي.
أسهم أحمد صدقي الدجاني عام 1964م في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع عدد من رجالات فلسطين، وكان عضوًا بالمؤتمر الفلسطيني التأسيسي الأول، وقد شغل منصب مدير عام دائرة التنظيم الشعبي بالمنظمة عام 1966م.
أسهم في بدايات السبعينات في تأسيس جريدة البلاغ رشح الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني من الفصائل الفلسطينية المختلفة ليكون عضواً باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1977م وظل عضواً باللجنة التنفيذية حتى عام 1984م، إذ أعلن تركه اللجنة التنفيذية عام 1984م باجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في عمان بالأردن لاختلافه مع قيادة المنظمة حول الخط السياسي العام.
ترأس الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم بمنظمة التحرير الفلسطينية لمدة طويلة، وظل عضواً بالمجلس الوطني وعضواً بالمجلس المركزي للمنظمة منذ عام 1971م وعضو الصندوق القومي منذ عام 1974م، وعضو الوفد الفلسطيني للأمم المتحدة بين عامي 1977 – 1984، كان مسؤول الحوار العربي الأوروبي بين عامي 1975- 1985م.
عمل الدكتور أحمد صدقي الدجاني مدرساً في معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، ثم رشح واختير عضواً عن فلسطين بأكاديمية المملكة المغربية وظل عضواً في فيها حتى رحيله.
أسهم في تأسيس المؤتمر القومي العربي وكان عضواً لأمانته العامة وأسهم كذلك في تأسيس المؤتمر القومي الإسلامي واختير ليشغل منصب المنسق الأول للمؤتمر بين عامي 1994 – 1997، كان عضواً بلجنة المتابعة للمؤتمر، أسهم في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وكان عضواً بمجلس أمنائها وعضواً بلجنتها التنفيذية ونائباً لرئيسها.
شغل الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني عضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي وأسهم في فعالياته، أسهم في فعاليات مركز دراسات الوحدة العربية، التزم كتابة المقال الأسبوعي إذ غطت مقالاته موضوعات سياسية وفكرية وأدبية وتاريخية وإنسانية، وقد نشر مقالاته في عدد كبير من الجرائد العربية منها البلاغ (ليبيا) الجمهورية (مصر) والخليج (الإمارات) والأهرام (مصر).
اختير عضواً مراقباً بمجمع اللغة العربية في مصر وسوريا. له ما يربو على ستين كتاباً في التاريخ والفكر السياسي والدراسات المستقبلية والتأملات ومسرحية ومجموعة بحوث ودراسات في العلوم الإنسانية.
الدكتور أحمد صدقي الدجاني متزوج ولديه ولدان وبنتان.
توفي الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني أبا الطيب في القاهرة يوم الاثنين الموافق التاسع والعشرون من ديسمبر عام 2003م، هذا وقد عقدت حفلات تأبين له عقب وفاته في كل من القاهرة وعمان وبيروت والخرطوم ولندن ورام الله.
وقد نعته منظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الفلسطينية.
لقد ترك الراحل الكبير مكتبة كاملة وبها من مؤلفاته: المعرفة والتقنية والتنمية، أفاق ومخاطر، ضوابط وأضواء على الصين اليوم، النظام العالمي الجديد، وجهة نظر عربية، الطريق إلى حطين، القدس إحياء الذكرى بعد ثمانية قرون، كذلك صدر له كتاب زلزلة في العولمة وسعي نحو العالمية.
الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني أحد العروبين الذين لم يجدوا حرجاً من التأكيد على هويتهم الإسلامية.
كان الراحل الكبير صلب المواقف، دمث الأخلاق يتمسك بالرؤية المبدئية والثوابت القومية ولهذا لقي الدكتور/ أحمد الدجاني احتراماً من زملائه ومعارفه وأصدقائه كما اتسم الدجاني في محضره ومخبره بحفاظه على سلامة اللغة العربية وكان المثل الذي يحتذى به.
رحمك الله يا د. أحمد الدجاني أبا الطيب واسكنك فسيح جناته.